طريق تنجّزه أو المعذورية عنه ، كيف يعقل أن يكون الجري على طبقه مع انكشاف خطئه موجباً للاجزاء عن الواقع ، بل إنّ مقتضى جعله في هذه الرتبة ، ومقتضى هوية ذاته المذكورة ، أن لا يكون الجري على طبقه مجزياً عن الواقع بعد انكشاف الخلاف فتأمّل. وإن لم يكن هناك ما يدعو إلى جعل الترخيص انحصر الأمر بالأصل العقلي ، ولا إشكال فيه.
ثمّ بعد هذا كلّه أفاد قدسسره ما هذا لفظه حسبما نقلته عنه : بقي الكلام في أمر لا بأس بالتنبيه عليه وإن كان محلّه في تنبيهات البراءة ، وهو أنّ هذا السنخ من الأوامر أعني الاحتياط وما هو من هذا القبيل ، كوجوب التعلّم ووجوب الفحص عن دليل التكليف عند الشبهة الحكمية ، وكوجوب الفحص عن القدرة عند الشكّ لو خالفه المكلّف واتّفق تحقّق التكليف في الواقع ، فهل يكون العقاب على مخالفة الواقع أو على مخالفة الأمر المذكور.
قد يقال : إنّ العقاب على مخالفة الواقع ، إذ ليس الأمر المذكور إلاّطريقياً محرزاً للواقع ، فلا يترتّب العقاب على مخالفته ، وإنّما يكون العقاب على مخالفة الواقع الذي أُحرز به.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ العقل حاكم بقبح العقاب على مخالفة أيّ تكليف لم يكن واصلاً إلى المكلّف ، إذ لا يعقل أن يكون ذلك التكليف الواقعي غير الواصل إلى المكلّف محرّكاً وباعثاً له على الاتيان بمتعلّقه ، وليس الأمر الاحتياطي وما هو من سنخه من الأوامر موجباً لوصول التكليف الواقعي إلى المكلّف وإحرازه ، إذ ليس هو من قبيل الأمارات والأُصول الاحرازية في كونه محرزاً للواقع ، نعم العمل على طبقه يكون محرزاً للواقع.
والحاصل : أنّ الأمر الطريقي في باب الأمارات والأُصول الاحرازية يكون