متعاكسين في ذلك ، وهكذا الحال في البواقي.
نعم ، إنّ كلّ أصل شرعي يكون في قباله أصل عقلي ، فبازاء البراءة الشرعية وقاعدة الحل الاحتياط والتوقّف العقليان ، وفي قبال الاحتياط الشرعي وأصالة التحريم البراءة العقلية والاباحة العقلية المقابلة بأصالة الحظر.
وكيف كان ، فلنعد إلى ما كنّا فيه من أنّ التكليف الواقعي بعد تحقّقه في مورد الشكّ بدليل الاشتراك يكون معروضاً للشكّ الطريقي. والحاصل : أنّ الأوّل عبارة عن وصول التكليف الواقعي إلى حال الشكّ فيه ، والثاني عبارة عن عدم وصوله إلى المكلّف عند الشكّ فيه ، ومن الواضح تأخّر المرتبة الثانية عن الأُولى ، فإنّ وصوله إلى المكلّف وعدم وصوله إليه فرع وصوله إلى مرتبة الشكّ وتحقّقه فيها.
ثمّ إنّ الحكم الواقعي لو خلي ونفسه في هذه المرتبة الثانية أعني مرتبة عدم وصوله إلى المكلّف ، لكان مورداً لحكم العقل بقبح العقاب من دون بيان ، إلاّ أنّ هذه المرتبة قابلة للجعل الشرعي ، إمّا على وفق ذلك الحكم العقلي وذلك هو مفاد البراءة الشرعية أو قاعدة الحل ، وإمّا على خلاف ذلك الحكم العقلي ، وذلك هو الاحتياط الشرعي كما في الشبهة التحريمية لو قلنا به فيها ، أو أصالة الحرمة كما في الدماء والفروج والأموال ، ومرجع الحكم الثاني ـ أعني الاحتياط أو أصالة الحرمة ـ إلى جعل ما يكون منجّزاً للواقع ، وأنّ الشارع أراد انحفاظ ذلك التكليف الواقعي حتّى في هذه الرتبة أعني رتبة كونه مشكوكاً. ومرجع الأوّل أعني البراءة الشرعية أو أصالة الحل إلى الترخيص في مخالفة التكليف الواقعي في هذه الرتبة ، وأنّ الشارع لم يرد انحفاظه في هذه الرتبة ، وربما حكم الشارع بالترخيص في مورد يحكم العقل لو خلي ونفسه بالاحتياط ، كما في مسألة الأقل والأكثر بناءً