السؤال على العامي ووجوب الاحتياط الشرعي في بعض موارده ، كلّ هذه الأوامر ليست أوامر حقيقية ، وإنّما هي طرق اتّخذها الشارع وسيلة إلى إيصال المكلّفين إلى الأحكام الواقعية بعد فرض انسداد باب العلم ، فكانت ملاكات تلك الأحكام الواقعية هي العلل الباعثة على جعل تلك الأوامر المتعلّقة بالتوصّل ، فتلك الطرق إلى الأحكام الواقعية من باب متمّم الجعل ، فهو كما لو أمره بالكون في مسجد الكوفة ثمّ أمره بأن يتوصّل إلى ذلك المطلوب بركوب السيارة ، فإنّه لو أخطأت السيارة وأوصلته إلى مكان آخر لم يكن أمره بركوب السيارة توصّلاً إلى المطلوب المذكور موجباً للأمر بالكون أو الوصول إلى ذلك المكان الآخر ، وهكذا في الأمر بسلوك الأمارة كخبر الواحد توصّلاً للوصول إلى التكاليف الواقعية ، مثل قوله عليهالسلام خذ معالم دينك من فلان (١) فإنّه لو اتّفق الخطأ وأوصله قول فلان إلى حكم آخر ، لم يكن أمره له بالأخذ بقوله راجعاً إلى أمره بذلك الذي أوصله إليه خطأ. غير أنّ الشارع لم يخصّص ذلك بما يكون مثبتاً للتكليف ، بل وسّعه لما هو النافي منها لحكم ومصالح تقدّم بيانها (٢) في الجواب عن الشبهة الأُولى لابن قبة. وليس حال هذه الأوامر إلاّكحال الأمر بالاحتياط في كونه طريقياً صرفاً ، وأنّ خطأه لا يضرّ كما لو احتاط في الشبهة التحريمية وكان الحكم الواقعي هو الوجوب كما شرحه قدسسره في أوامر الاحتياط (٣).
وبالجملة : أنّ هذه الأوامر لا يرد عليها التناقض للحكم الواقعي ، ولا
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٤٦ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٢٧ ، ٣٣ ( نقل بالمضمون ).
(٢) راجع الصفحة : ٢٤٧ وما بعدها ، وكذا الصفحة : ٢٨٦ وما بعدها.
(٣) راجع ما نقله المصنّف عن شيخه قدسسرهما في الصفحة : ٣١٥ وما بعدها.