العلم لنا في غيرها منسدّ ، فلا مانع من حجّية الأمارات في ذلك الغير ، وأنّ من يقول بحجّية الأمارات الظنّية إنّما يقول بها في غير تلك الموارد ، ولا ريب في أنّ حجّيتها في تلك الموارد الباقية لا يوجب تفويت مصلحة ولا إلقاءً في مفسدة. نعم ، في الأمارات النافية للتكليف بل الأُصول النافية له أيضاً التي يكون مرجعها إلى عدم إيجاب الاحتياط ، لابدّ لنا من الالتزام بنحو من مصلحة التسهيل ، وإلاّ لكان للمكلّف أن يصل إلى الواقع بالاحتياط ولو في صورة إمكانه وعدم ترتّب مفسدة شرعية عليه.
ثمّ إنّا لو سلّمنا أنّ بعض الأمارات ربما أفادت العلم القطعي ، إلاّ أنّا لا يمكننا القول بأنّها إذا لم تكن مفيدة للعلم لم تكن حجّة ، لأنّها لو قامت في مورد ولم يحصل لنا العلم بسببها كان ذلك عبارة أُخرى عن انسداد باب العلم في ذلك المورد ، إذ ليس لنا غيرها في ذلك المورد ، فماذا يكون تكليفنا في ذلك المورد غير العمل فيه على طبقها ، وهل يلزمنا الاحتياط ليكون حاصل فقهنا أنّ المكلّف إن حصل له القطع ممّا لديه من الأدلّة فهو ، وإلاّ عمل على الاحتياط ، لا شكّ أنّ هذا ممّا نقطع ويقطع كلّ أحد بخلافه.
قوله : فإنّ المراد من انفتاح باب العلم هو إمكان الوصول إلى الواقع بالسؤال عن شخص الإمام عليهالسلام لا فعلية الوصول ، فإنّ انفتاح باب العلم بهذا المعنى ممّا لا يمكن دعواه ... الخ (١).
قد عرفت ممّا قدّمناه (٢) الوجه في عدم إمكان هذه الدعوى ، فإنّه إن كان المراد بفعلية الوصول هو حصول العلم الفعلي بالأحكام الواقعية مع فرض الاصابة ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٠.
(٢) في الحاشية السابقة.