إلاّ أن يقال : إنّ هذه الطرق وإن كان فعلاً لا يحتمل الخطأ فيها ، إلاّ أنّه مع ذلك يمكن أن تجعل الأمارة حجّة في حقّه في عرض تلك الطرق التي هو قاطع بأنّها لا خطأ فيها مع فرض وقوع الخطأ في تلك الأمارة ، لتدارك خطئها بالمصلحة التسهيلية على حذو ما سمعت في الأسباب القطعية الموصلة للواقع المفروض كونها لا خطأ فيها ، أمّا المانع من ناحية القطع فلا يتأتّى قبل سلوك تلك الأسباب ، وإنّما هو بعد حصول القطع فعلاً بالواقع.
لكن هذه الجهات كلّها تكلّفات بل تخرّصات. والذي يلوح فعلاً للنظر القاصر هو ما حرّرناه أخيراً فيما تقدّم نقله من أنّ باب القطع الوجداني بالنسبة إلى الحكم الواقعي منسدّ علينا ، وأنّه ليس لدينا إلاّأمارات وأُصول عقلائية ظهورية كانت أو سندية ، إمضائية كانت أو تأسيسية. نعم إنّ هذه الأمارات ربما بل كثيراً ما أفادت القطع بالواقع ، خصوصاً في زمان الحضور بالسماع من نفس المعصوم عليهالسلام على وجه يمكن الحصول على العلم بمراده عليهالسلام من كلامه من دون الاعتماد على مثل أصالة الظهور وأصالة عدم القرينة والتقية ونحو ذلك ، لكن ذلك اتّفاقي لا دائمي ، وهو على تقدير تسليمه غير نافع لنا معاشر المحرومين من التشرّف بمشاهدة أنواره القدسية ( صلوات الله عليه ) وحينئذ فأين لنا ما هو قطعي الدلالة وقطعي السند ، بل أين لنا الدليل العقلي القطعي بالنسبة إلى ما تشاهده من فقهنا ، كلّ هذه الأُمور المدّعى إفادتها العلم الوجداني خيال لا واقع له في الأحكام ، ولا وجود له في الفقه.
نعم ، هناك ضروريات مذهبية أو إسلامية ، وأضف إليها الإجماعات القطعية لو كانت ، لكن كلّ ذلك لو جمعناه لا يوجب لنا انفتاح باب العلم في جميع أحكامنا ، وسواء كانت هذه الموارد قليلة أو كانت كثيرة ، فلا ريب أنّ باب