الخطأ أو قلّته في تلك الأسباب الموجبة للقطع.
أمّا المكلّف نفسه فلا ريب في أنّه بعد سلوك تلك الأسباب وحصول القطع له منها بالواقع بحيث كان قطعه بالواقع فعلياً ، لا يمكن أن يحتمل هو في نفسه الخطأ في ذلك القطع ، نعم قيل إنّ الإنسان القاطع وإن كان لا يحتمل هو الخطأ في قطعه الخاصّ ، إلاّ أنّه يمكن تطرّق الاحتمال الاجمالي ، بل القطع الاجمالي بالنسبة إلى مجموع ما حصل له أو يحصل من القطعيات في مجموع عمره ، إلاّ أنّه مع ذلك لا يمكن للشارع أن يجعل له الأمارة الظنّية حجّة ، لما تقرّر في محلّه من أنّ القاطع لا يمكن تكليفه بالتنازل عن قطعه وأمره بسلوك طريق آخر لا يفيده القطع ، فإنّ لازم قطعه الفعلي هو القطع بخطأ ذلك الطريق الظنّي إن كان على خلاف قطعه ، ولغوية حجّيته إن كان على وفق قطعه ، فلم يبق لدينا من يمكن جعل الأمارة الظنّية حجّة في حقّه مع فرض انفتاح باب العلم إلاّمن عرفت ممّن كان متمكّناً من الحصول على طرق يعلم أنّه لو سلكها لأفادته القطع بالواقع ، فهل أنّ ذلك المكلّف يحتمل في نفسه أن تكون جملة من تلك الطرق مخطئة بعد فرض علمه بأنّه لو سلكها لأفادته القطع بالواقع؟
الظاهر أنّه لا يحتمل ذلك إلاّعلى حذو ما سمعت ممّا تقدّمت الاشارة إليه من إمكان العلم الاجمالي بأنّ بعض قطعياته الآتية مخالف للواقع ، مع فرض أنّه إذا نظر إلى كلّ واحد منها بخصوصه لا يحتمل فيه المخالفة ، وقد عرفت أنّ هذا المقدار لا يصحّح جعل الأمارة الظنّية في حقّه في قبال القطع الذي يعلم أنّه يحصل عليه بسلوك ذلك الطريق ، وحينئذ فلا يمكن جعل الأمارة في حقّ ذلك الشخص غير القاطع فعلاً ، وأنّه ليس عنده سوى أنّ في البين طرقاً لو سلكها لحصل له القطع بالواقع.