المفيدة للعلم والأسباب المفيدة للظنّ ، ومع تسليم كونه حكيماً لا يفوّت علينا المصالح ، نلتزم بأنّ الأمر في الواقع كذلك ، ومع هذا التسليم لا معنى للتشبّث بأذيال أقربية الخطأ ، إذ لا معنى للحكم القطعي بكون الأمارات أقرب إلى الخطأ مع الاعتراف بامكان كون موارد الخطأ فيها لا تزيد على موارد الخطأ في الأسباب المفيدة للعلم.
والذي يظهر من الأُستاذ قدسسره أنّ أقربية الأمارات إلى الخطأ هو غير كثرة الخطأ فيها ، فلذلك احتاج إلى الجواب عنه بما حرّره عنه (١) أيضاً من المنع من الأقربية أوّلاً ، والمنع من كونها مقتضية للردع ثانياً ، وبأنّها لو سلّمنا اقتضاءها للردع فإنّما تقتضيه لو لم يكن في البين مصلحة التسهيل ثالثاً.
ولعلّ الأولى هو ما يلوح من التقريرات المطبوعة في بيروت (٢) ، (٣) من جعل مصلحة التسهيل في قبال تسليم كون موارد الخطأ في الأمارات أكثر بقليل من موارد الخطأ في أسباب العلم ، فيقال : إنّا لو سلّمنا زيادتها بقليل لجاز للشارع الحكيم التنازل عن ذلك القليل الفائت بواسطة سلوك الأمارة لأجل ملاحظة التسهيل على المكلّفين.
ولا يخفى أنّ النظر القاصر عاجز عن الإذعان بجميع هذه التفاصيل التي حرّرناها من أوّلها إلى آخرها.
والذي يمكنني التصديق به والإذعان له هو انسداد باب العلم القطعي الوجداني في أغلب الأحكام ، بل في جميع الأحكام ، حتّى السؤال من نفس
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١١٣ ـ ١١٤.
(٣) [ الظاهر أنّه من سهو القلم ، والصحيح في صيدا ].