أمارة هي أقلّ خطأ من هذا الطريق ، انتهى ملخّصاً.
فإنّ جميع هذه التكلّفات إنّما نحتاج إليها إذا قلنا بأنّ المراد من الانفتاح في هذا المقام هو إمكان الوصول إلى الواقع ، مع أنّك قد عرفت الاشارة إلى امتناع ذلك ، فإنّ العلم الاجمالي بكون بعض تلك الأسباب مخطئة للواقع مع عدم علم المكلّف بها بأعيانها يوجب عدم تمكّنه من الواقع.
وبالجملة : لا يجتمع التمكّن من الحصول على نفس الواقع مع العلم الاجمالي بكون بعض تلك الأسباب مخطئة ، ولأجل ذلك قلنا إنّ المراد بالانفتاح هو انفتاح باب العلم بالواقع ، وتمكّن المكلّف من تحصيل العلم بالواقع ، وهذا المقدار من الانفتاح يجتمع مع العلم الاجمالي بخطأ بعض تلك الأسباب.
وحينئذ نقول في جواب شبهة ابن قبة : إنّه لا فرق (١) حينئذ بين الأسباب المفيدة للعلم بالواقع والأسباب المفيدة للظنّ بالواقع في تطرّق احتمال الخطأ وتفويت المصالح الواقعية ، غاية الأمر ينبغي أن ينظر أنّ أيّاً من هذين الطريقين أكثر خطأ ، وهذا ممّا لا تصل إليه عقول البشر. ولكن يكفي في إمكان التعبّد بالأمارات الظنّية هو احتمال كون موارد الخطأ فيها بمقدار موارد الخطأ في أسباب العلم ، وحيث إنّ الشارع قد اطّلع على ذلك فله حينئذ أن يأمر بالعمل على الأمارات ، لحصول فوت ذلك المقدار من المصالح على كلّ من الأخذ بالأسباب
__________________
(١) لا يخفى أنّ هذا هو محصّل النقض على ابن قبة بالقطع المخطئ ، وليس المرادبه بعد حصول القطع كي يجاب عنه بما أفاده الشيخ قدسسره [ فرائد الأُصول ١ : ١٠٨ ] من أنّ القاطع لا يحتمل الخطأ ، بل المراد النقض قبل حصول القطع ، بمعنى أنّه لا فرق بين الأسباب المفيدة للقطع والأسباب المفيدة للظنّ في أنّه لو بطل العمل بالثانية لكونها مفوّتة للواقع لم يجز الالزام بتحصيل الأُولى لأنّها أيضاً مفوّتة للواقع [ منه قدسسره ].