المعصوم ما لم يكن مدعوماً بالأمارات العقلائية من أصالة الظهور وغير ذلك ، وأنّه ليس في البين أسباب للعلم متميّزة عن أسباب الظنّ ، بل كلّ ما لدينا في عصرنا بل في عصر الأئمّة عليهمالسلام بل في عصر النبي صلىاللهعليهوآله إنّما هو الطرق العقلائية التي يعتمد عليها العقلاء في أُمور معاشهم بل وفي معادهم ، نعم تلك الطرق تتفاوت في مقدار الوثوق الحاصل منها ، بحيث ربما بل غالباً تصل إلى درجة العلم ، وربما كان من جملة أسباب التفاوت المذكور هو تفاوت نفس الأشخاص ، وإلاّ فأين الطريق الذي يكون موجباً لحصول العلم القطعي الوجداني غير المدعوم بتلك الطرق العقلائية ، حتّى يقال إنّه يلزمنا سلوكه وعدم الركون إلى الأمارة لأجل أنّها تفوّت علينا مصلحة الواقع.
والحاصل : أنّه لولا هذه الأمارات التي بأيدينا من خبر الواحد ونحوه لكان باب العلم بالأحكام منسدّاً علينا ، خصوصاً في زماننا الذي هو زمان الغيبة والمحرومية من الوصول إلى معدن العلم ، والمفروض أنّ المستشكل لا يستشكل من حجّيتها عند انسداد باب العلم.
قال شيخنا قدسسره فيما حكاه عنه في هذا التحرير في المقدّمة الأُولى من مقدّمات دليل الانسداد ما هذا لفظه : أمّا المقدّمة الأُولى فهي بالنسبة إلى انسداد باب العلم الوجداني مسلّمة لا يمكن الخدشة فيها ، بداهة أنّ ما يوجب العلم الوجداني التفصيلي بالحكم من الخبر النصّ المتواتر أو المحفوف بالقرائن القطعية ظهوراً وصدوراً مع سائر ما يتوقّف عليه الاستنباط لا يفي بأقل قليل من الأحكام الشرعية ، وذلك ممّا يصدقه كلّ مجتهد يخوض في الاستنباط (١).
والحاصل : أنّ المراد بانفتاح باب العلم في هذا المقام هو باب العلم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٢٨.