التمكّن من الحصول على أسباب العلم بالواقع لا يلزمه التمكّن من الحصول على نفس الواقع ، لما عرفت من أنّ التمكّن من الحصول على أسباب العلم بالواقع يجتمع مع احتمال خطأ تلك الأسباب.
والحاصل : أنّ أسباب العلم بالواقع بعضها يكون موصلاً إلى نفس الواقع وبعضها لا يوصل إلى الواقع لأجل خطئه ، فلو كانت الأسباب الأُولى معلومة لديه تفصيلاً لكان متمكّناً من الحصول على الواقع ، وكان راجعاً إلى الصورة الثانية ، أمّا إذا لم تكن الأسباب الموصلة إلى نفس الواقع معلومة لديه بالتفصيل ، بل كان أقصى ما في البين أنّ لديه أسباباً لو حصلها لحصل له العلم بالواقع مع فرض كون بعضها مصيباً وبعضها مخطئاً ، فهذا لا يكون متمكّناً من الواقع ، وإنّما أقصى ما فيه أنّه متمكّن من تحصيل العلم بالواقع الذي عرفت أنّه لا يلازم الوصول إلى الواقع.
والحاصل : أنّ المراد من الانفتاح في هذا المقام هو انفتاح باب العلم بالواقع وأنّ المكلّف متمكّن من تحصيل العلم بالواقع ، وهو غير ملازم للتمكّن من الوصول إلى نفس الواقع ، فلا حاجة إلى ما تكلّفه في هذا الكتاب بقوله : بل المراد من الانفتاح هو إمكان الوصول ، وهو غير فعلية الوصول ، فقد يكون الشخص متمكّناً من الوصول إلى الواقع ولكن لم يصل إليه ، لاعتماده على الطرق المفيدة للعلم مع خطأ علمه وكونه من الجهل المركّب الخ (١) كما لا حاجة إلى ما حرّرناه نحن عن الأُستاذ قدسسره بقولنا : مثلاً من كان جالساً على باب دار الإمام عليهالسلام ويتمكّن من السؤال منه عليهالسلام لكنّه لا يدخل بل يسلك طريقاً آخر كالسؤال ممّن خرج من الدار وسمع الحكم منه عليهالسلام وكان سلوكه هذا الطريق الثاني ـ أعني السؤال ممّن خرج ـ كثير الخطأ ، ففي هذه الصورة لا مانع من أن يؤمر بالعمل على
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٠.