ثانيهما : العلم الاجمالي بعدم جواز الاقتداء بأحد الإمامين نظير الشبهة المحصورة كما في الثالث الأجنبي [ المقتدي ] بأحد الشخصين المعلوم جنابة أحدهما ، والمفروض عدم تأتّي كلّ من هذين المانعين في اقتداء أحد الثلاثة بآخر منهم.
أمّا المانع الأوّل فواضح ، لعدم العلم التفصيلي ببطلان صلاة نفسه ، إذ لم يكن الترديد منحصراً بين جنابته وجنابة إمامه ، بل هناك شقّ آخر وهو جنابة الشخص الثالث الذي لم يأتمّ به فعلاً ، فلم يحصل له العلم التفصيلي ببطلان صلاة نفسه.
وأمّا المانع الثاني فلعدم كون الشخصين بالنسبة إليه من قبيل الشبهة المحصورة من حيث جهة الاقتداء ، بمعنى أنّه لم يحصل له العلم الاجمالي بعدم جواز الاقتداء بأحدهما ، وإنّما حصل له العلم الاجمالي بجنابة نفسه أو عدم جواز الاقتداء بأحد هذين الشخصين ، والطرف الأوّل وهو جنابة نفسه لا أثر له في ناحية جواز الاقتداء ، لأنّه على تقدير تحقّقه واقعاً يكون أثره هو بطلان صلاة نفسه ولو منفرداً ، ويكون الحكم على هذا التقدير بعدم جواز الاقتداء من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، وقد تقرّر في محلّه (١) أنّها لا واقعية لها ، فلا تكون مؤثّرة في تنجيز العلم الاجمالي.
وحاصل ذلك كلّه : أنّه ليس في البين علم إجمالي بالمنع من الاقتداء ، كما أنّه لم يكن في البين علم تفصيلي ببطلان صلاة نفسه ، ولعلّ هذا هو المراد بقوله قدسسره : لعدم العلم حينئذ الخ (٢) فيكون هذا مقابلاً لما أفاده في وجه المنع من
__________________
(١) راجع المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٩٠ وما بعدها.
(٢) العروة الوثقى ( مع تعاليق عدّة من الفقهاء ) ١ : ٥٠٣ / مسألة (٤).