__________________
إلى مقدارها من النقد وقال : هذا زكاة ، صار زكاة ، وكذلك الحال في المستحبّة ، ثمّ بعد هذا الانشاء والجعل وتحقّق أحد العنوانين في ذلك المال يدفعه إلى الفقير بداعي أمره الواقعي المتعلّق به لصحّ ذلك ، ويمكن تنزيل الإجماع وعبارة الشرائع على هذه الكيفية ، فلاحظ وتأمّل.
والخلاصة : هي أنّ الداعوية لا تقبل التعليق ولا الترديد ، غايته أنّه تارةً يكون الداعي على الفعل هو العلم بأنّه امتثال ومطابق للأمر ، وأُخرى يكون الداعي هو احتمال ذلك ، وعلى كلّ حال تكون الداعوية منجّزة لا يعقل التعليق فيها ولا الترديد ، وفي مورد يتردّد الأمر المتعلّق بهذا الفعل بين الوجوب والاستحباب يمكن الاحتياط فيه كما مرّ في تكبير الركوع بالاتيان به بداعي احتمال الوجوب ، كما يمكن الاحتياط فيه بداعي ذلك الأمر الواقعي الذي لا يعرف أنّه وجوب أو استحباب. ولو علم بوجود الأمر الاستحبابي وشكّ في وجود أمر وجوبي كما في مثل الأمر بالزكاة المستحبّة إذا احتمل المكلّف أنّ عليه وجوبها أيضاً ، ففي هذه الصورة ينحصر الاحتياط بالاتيان بداعي احتمال الأمر الوجوبي ، ولا يتأتّى منه قصد الأمر الواقعي ، لعدم كونه واحداً مردّداً بين الوجوب والاستحباب ، ولا يمكنه التعليق كما لا يمكن الترديد.
نعم ، هذه الطريقة لا بأس [ بها ] وهي طريقة الانشاء أوّلاً ثمّ دفع ذلك الخاصّ الذي طرأ عليه الانشاءان بداعي أمره الواقعي ، لكنّها متوقّفة على صحّة هذا الانشاء على وجه لو قال هذا زكاة واجبة تعيّن ، كما حقّق في محلّه في باب الزكاة فيما لو عيّنه في مال مخصوص فراراً من الضمان بالتلف بلا تفريط ، لكنّه في خصوص ما لو كان النصاب موجوداً وعزل زكاته ، ولعلّه يأتي فيما لم يكن النصاب موجوداً وكانت ذمّته مشغولة بالزكاة كما ذكروا ذلك في زكاة الفطرة ، ولعلّه يتأتّى في الزكاة المستحبّة. ولا يبعد القول بأنّه لو عزله وتمّ العزل برئت ذمّته من الزكاة ، وإن لزمه دفعه إلى الفقير باعتبار إيصال ذلك المال المعيّن إلى أهله ، على وجه لو فرّط فيه أو أتلفه كان مشغول الذمّة بعين ذلك المال لا بالزكاة.