الجزمية على الطاعة الاحتمالية الحاصلة في كلّ واحد من طرفي العلم الاجمالي وفي مورد احتمال الوجوب بدوياً كما حقّقه بقوله : فإنّ حقيقة الاطاعة عند العقل هو الانبعاث عن بعث المولى ، بحيث يكون الداعي والمحرّك له نحو العمل هو تعلّق الأمر به وانطباق المأمور به عليه ، وهذا المعنى في الامتثال الاجمالي لا يتحقّق ، فإنّ الداعي له نحو العمل بكلّ واحد من فردي الترديد ليس إلاّاحتمال تعلّق الأمر به ، فإنّه لا يعلم انطباق المأمور به عليه بالخصوص الخ (١). ومن الواضح أنّ هذا المعنى لا دخل له بتلك التنقّلات التي هي مشتركة بين التكاليف توصليّها وعباديّها ، فإنّ هذه التنقّلات إنّما هي في وادي أنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، وما نحن فيه في وادي أنّ الاطاعة التي يحكم العقل بحسنها هل يكفي فيها الاتيان بالفعل بداعي أمره المحتمل وإن كان متمكّناً من تحصيل العلم بذلك الأمر ، أو أنّه لا ينتقل إلى هذه المرتبة من الاطاعة الاحتمالية إلاّ بعد تعذّر تلك المرتبة من الاطاعة التفصيلية ، أعني بها الاتيان بالفعل بداعي أمره المعلوم تعلّقه به بالخصوص.
ثمّ لا يخفى أنّ هذا المانع وهو كون الداعي له نحو العمل هو احتمال تعلّق الأمر به ، لا ينبغي أن يفرّق فيه بين الاحتياط المتوقّف على التكرار والاحتياط غير المتوقّف على التكرار كما في الشبهات البدوية ، من دون فرق في ذلك بين كون الشبهة قبل الفحص وبينها بعد الفحص ، ولا ينحصر بما إذا كانت الشبهة قبل الفحص حكمية ، بل هو جارٍ في الشبهة الموضوعية قبل الفحص ، فإنّ الفحص فيها وإن لم يكن لازماً ، وكان المورد مرجعاً للأُصول النافية قبل الفحص ، ولم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٧٣.