والعجب ممّن يعمل بالأمارات من باب الظنّ المطلق ثمّ يذهب إلى عدم صحّة عبادة تارك طريق الاجتهاد والتقليد والأخذ بالاحتياط الخ (١) ليس هو ما أُفيد في هذا الكتاب عن شيخنا قدسسره من دعوى تأخّر رتبة الامتثال به عن الامتثال العلمي التفصيلي ليتوجّه عليه ما أُفيد بقوله : فإنّ المحقّق القمي من القائلين بالكشف فيكون حال الظنّ حال العلم الخ (٢) بل إنّ مدرك إشكال الشيخ قدسسره على المحقّق القمي هو ما أشار إليه في العمل بالاحتياط المتوقّف على التكرار وهو : أنّ العمل بالظنّ المطلق لم يثبت إلاّجوازه وعدم وجوب تقديم الاحتياط عليه ، أمّا تقديمه على الاحتياط فلم يدلّ عليه دليل (٣). ومن الواضح أنّ هذا المانع بعينه متأتّ في الاحتياط غير المتوقّف على التكرار في قبال تحصيل الظنّ المطلق.
نعم ، يرد على الشيخ قدسسره أنّه إن كان من مقدّمات الانسداد عدم جواز الاحتياط ، تكون النتيجة هي الكشف ، ويكون العمل بالظنّ مقدّماً على الاحتياط. وإن كانت تلك المقدّمة عبارة عن عدم وجوب الاحتياط ، تكون النتيجة هي الحكومة ولا يكون الظنّ مقدّماً على الاحتياط. وصاحب القوانين قدسسره (٤) قائل بالكشف ، فلأجل ذلك أفتى ببطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد. وعبارة التحرير المطبوع في صيدا (٥) لا تخلو عن الإيماء أو التصريح بذلك ، فراجعه.
لكن هذا وإن أوجب تقدّم العمل بالظنّ على الاحتياط ، إلاّ أنّ الاحتياط
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٧٣.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٧١.
(٣) فرائد الأُصول ١ : ٧٣.
(٤) القوانين ٢ : ١٤٠ وما بعدها.
(٥) أجود التقريرات ٣ : ٨٤ ـ ٨٦.