أن يقال : إنّه إذا شكّ بعد القطع بكون داعي الأمر هو التعبّد بالمأمور به لا حصوله بأي وجه اتّفق ، في أنّ الداعي هو التعبّد بإيجاده ولو في ضمن أمرين أو أزيد ، أو التعبّد بخصوصه متميّزاً عن غيره ، فالأصل عدم سقوط الغرض الداعي إلاّ بالثاني ، وهذا ليس تقييداً في دليل تلك العبادة حتّى يدفع باطلاقه كما لا يخفى ، وحينئذ فلا ينبغي بل لا يجوز ترك الاحتياط في جميع موارد إرادة التكرار بتحصيل الواقع أوّلاً بظنّه المعتبر من التقليد أو الاجتهاد بإعمال الظنون الخاصّة أو المطلقة ، وإتيان الواجب مع نيّة الوجه ، ثمّ الاتيان بالمحتمل الآخر بقصد القربة من جهة الاحتياط ، الخ (١).
ومع ذلك فهذا الذي صرّح به أخيراً بكونه مانعاً من تكرار العبادة ، ليس هو من جهة الاكتفاء بالاطاعة الاحتمالية في قبال المتمكن منه من تحصيل الاطاعة الجزمية ، وإلاّ لكان جارياً في الاحتياط غير المتوقّف على التكرار ، بل إنّ المانع هو احتمال اعتبار التعبّد بالمأمور به بخصوصه متميّزاً عن غيره في قبال الاكتفاء بالتعبّد بإيجاده ولو في ضمن أمرين أو أزيد ، وذلك هو المعبّر عنه بالتميّز.
والحاصل : أنّ كلامه في المانع من الاحتياط لا يحوم إلاّحول احتمال اعتبار نيّة الوجه ، واحتمال اعتبار تمييز المأمور به عمّا عداه ، والأوّل متأتّ في الاحتياط المتوقّف على التكرار وغيره ، والثاني مختصّ بخصوص ما يتوقّف على التكرار. أمّا ما ركن إليه شيخنا قدسسره في المنع من الاحتياط من عدم كفاية الاطاعة الاحتمالية في قبال الاطاعة الجزمية ، ممّا هو جار في الاحتياط المتوقّف على التكرار وغير المتوقّف عليه ، فالظاهر أنّ كلام الشيخ قدسسره في هذا المقام خالٍ عنه.
وكيف كان ، فإنّ الظاهر أنّ مدرك إشكاله على المحقّق القمي قدسسره بقوله :
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٧٥ ـ ٧٦.