المشكوك فيه من كيفيات الاطاعة مثل الجزم ونحوه رجع ذلك إلى البحث الآتي (١) وهو هل أنّ ذلك راجع إلى الشكّ بين الأقل والأكثر أو أنّه من دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
قوله : لأنّ الشكّ في اعتبار قصد الوجه يرجع إلى الشكّ في اعتبار قيد في المأمور به شرعاً زائد عمّا يعتبره العقل في الطاعة ، لما تقدّم من أنّ العقل لا يعتبر في الاطاعة أزيد من كون الشخص منبعثاً عن البعث ومتحرّكاً عن الارادة ، فقصد الوجه لو كان معتبراً فلابدّ وأن يكون ذلك من جهة الشرع والمرجع حينئذ عند الشكّ في الاعتبار هو البراءة ، كما أنّ المرجع عند الشكّ في أصل التعبّدية والتوصّلية ذلك ، بناءً على ما هو المختار من أنّ التعبّدية تتوقّف على الأمر بها ولو بمتمّم الجعل ، على ما تقدّم تفصيله في مبحث التعبّدي والتوصّلي (٢).
الظاهر أنّ التعبّدية التي أفاد قدسسره أنّها تتوقّف على الأمر ليست هي إلاّعبارة عن الاتيان بالفعل المأمور به بداعي الأمر ، فلابدّ أن نقول إنّ الطاعة التي يحكم بها العقل ليست هي هذا المقدار ، بل هي أوسع من ذلك على وجه تكون قدراً مشتركاً بين التعبّدي والتوصّلي ، وليس ذلك إلاّعبارة عن فعل المأمور به وإن لم يكن بداعي الأمر ، في قبال العصيان الذي هو عبارة عن عدم الاتيان بالمأمور به.
وكيف كان نقول : إنّ ذلك الذي تعلّق به الأمر الثاني الذي هو متمّم الجعل أي شيء هو كان ، يمكن أن يدّعى أنّ قصد الوجه ليس هو شيئاً زائداً عليه ، بل هو كيفية له ونحو من أنحائه ، وحينئذ يكون الشكّ في اعتباره من قبيل ما يأتي من
__________________
(١) في الحاشية الآتية في الصفحة : ١٧٢ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٦٧.