الوجه التي هي أمر آخر وراء فعله بداعي الوجوب.
قوله : الأمر الثاني : لا إشكال في أنّ الحاكم بالاستقلال في باب الطاعة وحسنها هو العقل ... الخ (١).
لا يخفى أنّك قد عرفت أنّ الطاعة التي يستقلّ بحسنها العقل ، هي مجرّد الاتيان بالمأمور به في قبال عدم الاتيان به الذي هو العصيان ، وبعض مراتب الرياء ليس تصرّفاً في هذه الاطاعة ، وإنّما هو تقييد للمأمور به ، بأن يكون خالياً عن تلك المرتبة ، وأمّا الأُصول الجارية في وادي الفراغ فليست هي تصرّفاً في تلك الاطاعة ، وإنّما هي أحكام ظاهرية يحرز بها حصول المأمور به ، ولو اتّفق الخطأ فيها ولم يعلم به المكلّف يكون مرجعها إلى تنازل الشارع عن وجوب ذلك الجزء المفقود. وأما قاعدة « لا تعاد » فهي تنازل صرف عن الجزئية. نعم بنظرية الشيخ قدسسره وشيخنا قدسسره أنّ استحسان العقل وإن كان مقصوراً على أصل الاتيان بالمأمور به في قبال عدم الاتيان به ، إلاّ أنّ للشارع أن يحكم ثانياً من باب متمّم الجعل بلزوم الاتيان به بداعي [ الأمر ] ، ولو حصل الشكّ في هذا الجعل الثاني كان المرجع فيه هو أصالة البراءة.
ومن ذلك يتّضح لك التأمّل في قوله : فلو لم يقم دليل شرعي على التصرّف في بيان كيفية الاطاعة فالأمر موكول إلى نظر العقل (٢) ، إذ قد عرفت أنّ التصرّف الشرعي الزائد على أصل الاطاعة العقلية التي هي مجرّد الاتيان بالمأمور به يكون المرجع فيه عند الشكّ هو البراءة. نعم بعد أن حكم الشارع بلزوم الاتيان به بعنوان الطاعة ، أعني بداعي الأمر الذي سمّاه شيخنا متمّم الجعل ، لو حصل الشكّ في شيء زائد عليه كما في نيّة الوجه كان المرجع فيه هو البراءة أيضاً ، لكن لو كان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٦٨.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٦٨.