ولو سلّمنا أنّ اختلاف المورد يخرجه عن اجتماع المثلين حقيقة إلاّ أنّه مثله في الامتناع ولا أقل من الاستبشاع ، هذا في صورة المصادفة.
أمّا في صورة المخالفة للواقع فيلزمه اجتماع الضدّين ، وهكذا نقول لو كان الجامع هو عنوان القطع بالحرمة المفروض كونه جامعاً بين صورة المصادفة وصورة المخالفة ، فإنّه يلزم عليه استحقاق العقابين في صورة المصادفة ، كما أنّه يلزمه اجتماع المثلين في صورة المصادفة ، والضدّين في صورة المخالفة ، هذا كلّه بالقياس إلى نفس الواقع.
وأمّا بالقياس إلى نظر القاطع فهو دائماً يكون من قبيل اجتماع المثلين ، فإنّه وإن لم يكن حقيقة من قبيل اجتماع المثلين ، إلاّ أنّه مثله في المحالية ، ولا أقل من استبشاع ذلك ، بل لا أقل من استبشاع تعلّق التحريم بالقصد والارادة مع قطع النظر عن دعوى صاحب الكفاية قدسسره (١) كونها غير اختيارية ، وإلاّ كان من التكليف بغير الاختياري.
وأمّا الايراد على أخذ العنوان هو عنوان العلم والقطع ، بأنّ العلم لا يكون من العناوين ذات الملاك ، فقد مرّ الكلام (٢) في نظيره مراراً وأنّه لا مانع من كون العلم له المدخلية [ في ] الملاك ، كما هو الشأن في القطع الموضوعي.
ثمّ لا يخفى أنّه يمكن أن يقال : إن ضمّ القسم الثاني من التجرّي إلى القسم الأوّل منه بحيث نحتاج إلى التماس الجامع بينهما ، لا داعي إليه ، فإنّ الظاهر أنّ القسم الثاني ـ وهو ما لو نوى وقصد فعل الحرام وشرع في بعض مقدّماته ثمّ عدل أو لم يتيسّر له ذلك ـ داخل في باب نيّة المعصية ، ولا داعي لادخاله تحت عنوان
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢٦١.
(٢) في الصفحة : ٤٢ ـ ٤٥.