حجّية الظنّ بمقدّمات الانسداد ، لكنّه بعينه ينبغي أن يلتزم به في حجّية الظنّ الخاصّ ، وأنّه عند فقده يكون المرجع هو الأُصول الشرعية أو العقلية ، وأنّ العامي يكون مقلّداً له في عدم الأمارة ، إلى آخر ما أفاده.
لكن الذي يظهر من الكفاية أنّه لو قلنا بالانفتاح لم يكن إشكال في تقليد العامي لمن فقد الدليل الاجتهادي ، لأنّه يكون عالماً بالحكم الفعلي ، فإنّه قال : فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الأحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلاً أو نقلاً في الموارد التي لم يظفر فيها بها ـ إلى قوله ـ كما لا إشكال في جواز العمل بهذا الاجتهاد لمن اتّصف به ، وأمّا لغيره فكذا لا إشكال فيه إذا كان المجتهد ممّن كان باب العلم أو العلمي بالأحكام مفتوحاً له ، على ما يأتي من الأدلّة على جواز التقليد الخ (١) ، فنراه جعل المقامات الأربعة كلّها مورداً للتقليد والفتوى ، وقد عرفت ما في ذلك وأنّ التفصيل هو ما ذكرناه ، فلاحظ.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الإشكال فيما ذكره في الكفاية من جعل المقسم هو الحكم الفعلي المتعلّق بالمجتهد أو بمقلّديه ، وأنّه إمّا أن يحصل له القطع به أو لا يحصل (٢) ، فإنّك قد عرفت في هذه المقامات الأربعة أنّ الحكم الذي يكون متعلّقاً بالمقلّد إنّما يكون مربوطاً بالمجتهد باعتبار قيام الأمارة أو الأصل الاحرازي عليه عند المجتهد ، فيصحّ له الإخبار به ، أمّا ما لم يقم عليه شيء من الأمارات ولا الأُصول الاحرازية ، وكان المرجع فيه هو الأُصول الشرعية غير الاحرازية أو الأُصول العقلية ، فقد عرفت أنّ تلك الأُصول إنّما تجري في حقّ تكليف المجتهد نفسه ، وأمّا جريانه في حقّ العامي فإنّما هو في الرتبة المتأخّرة عن عدم إفتاء
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٦٤.
(٢) كفاية الأُصول : ٢٥٧.