فالتفت إلى ابنه الواثق يحيى وليّ عهده وقال : إذا اصطنعت الرجال فمثل هذا فاصطنع ، ضمّه إليك وافعل معه ما تقتضيه وصيّتي به ، ونبّهني إليه كل وقت ، فأقام نديما لوليّ العهد المذكور.
وله فيهما الموشحات المشهورة ، كقوله :
كم في قدود البان |
|
تحت اللمم |
من أقمر |
|
عواطي |
بأنمل وبنان |
|
مثل العنم (١) |
لم تنبري |
|
للعاطي |
ولمّا بلغ المعتصم أنّ خلف بن فرج السميسر هجاه احتال في طلبه حتى حصل في قبضته ، ثم قال له : أنشدني ما قلت فيّ ، فقال له : وحقّ من حصّلني في يدك ما قلت شرّا فيك ، وإنما قلت : [البسيط]
رأيت آدم في نومي فقلت له : |
|
أبا البريّة ، إنّ الناس قد حكموا |
أنّ البرابر نسل منك ، قال : إذن |
|
حوّاء طالقة إن كان ما زعموا |
فأباح (٢) ابن بلقين صاحب غرناطة دمي ، فخرجت إلى بلادك هاربا فوضع عليّ من أشاع ما بلغك عني لتقتلني أنت فيدرك ثأره بك ، ويكون الإثم عليك ، فقال : وما قلت فيه خاصّة مضافا إلى ما قلته في عامة قومه؟ فقال : لمّا رأيته مشغوفا بتشييد قلعته التي يتحصّن فيها بغرناطة قلت : [مخلع البسيط]
يبني على نفسه سفاها |
|
كأنه دودة الحرير |
فقال له المعتصم : لقد أحسنت في الإساءة إليه ، فاختر : هل أحسن إليك وأخلي سبيلك أم أجيرك منه؟ فارتجل : [مجزوء الرجز]
خيّرني المعتصم |
|
وهو بقصدي أعلم |
وهو إذا يجمع لي |
|
أمنا ومنّا أكرم (٣) |
__________________
(١) العنم ، بفتحتين : نبات أملس دائم الخضرة ، فروعه أسطوانية تحمل أوراقا متقابلة تشبه ورق الزيتون ، إلّا أنها أشد خضرة ، وأزهاره قرمزية يتخذ منها خضاب.
(٢) في ب ، ه : «فنذر ابن بلقين».
(٣) في ه : «وهو آن يجمع لي» ولا يتم به الوزن.