وقد حكى الحميدي في «جذوة المقتبس» (١) هذه الحكاية الواقعة لابن أبي الحباب بزيادة ، فقال ـ بعد أن ذكر هذه المنية العامرية التي إلى جانب الزهراء ـ : إن أبا المطرف بن أبي الحباب الشاعر دخل إلى المنصور في هذه المنية ، فوقف على روضة فيها ثلاث سوسنات ثنتان منها قد فتحتا (٢) وواحدة لم تفتح ، فقال يصف ذلك (٣) : [البسيط]
لا يوم كاليوم في أيّامنا الأول |
|
بالعامريّة ذات الماء والظّلل |
هواؤها في جميع الدّهر معتدل |
|
طيبا ، وإن حلّ فصل غير معتدل |
ما إن يبالي الّذي يحتلّ ساحتها |
|
بالسّعد ألّا تحلّ الشّمس في الحمل(٤) |
كأنّما غرست في ساعة وبدا السّ |
|
وسان من حينه فيها على عجل |
أبدت ثلاثا من السّوسان مائلة |
|
أعناقهنّ من الإعياء والكسل |
فبعض نوّارها للبعض منفتح |
|
والبعض منغلق عنهنّ في شغل |
كأنّها راحة ضمّت أناملها |
|
من بعد ما ملئت من جودك الخضل |
وأختها بسطت منها أناملها |
|
ترجو نداك كما عوّدتها فصل |
وقد ذكر ابن سعيد أن ابن العريف النحوي دخل على المنصور بن أبي عامر وعنده صاعد اللغوي البغدادي ، فأنشده وهو بالموضع المعروف بالعامرية من أبيات : [المجتث]
فالعامريّة تزهى |
|
على جميع المباني |
وأنت فيها كسيف |
|
قد حلّ في غمدان(٥) |
فقام صاعد ، وكان مناقضا له ، فقال : أسعد الله تعالى الحاجب الأجل! ومكن سلطانه! هذا الشعر الذي قاله قد أعدّه وتروّى (٦) فيه أقدر أن أقول أحسن منه ارتجالا ، فقال له المنصور : قل ليظهر صدق دعواك ، فجعل يقول من غير فكرة كثيرة (٧) : [المجتث]
يا أيّها الحاجب المع |
|
تلي على كيوان |
__________________
(١) الجذوة ص ٣٧٧.
(٢) في ب ، ه : تفتحتا.
(٣) يصف ذلك : غير موجودة في ب.
(٤) الحمل : منزلة للشمس تحلها أول الربيع.
(٥) سيف : أراد سيف بن ذي يزن. وغمدان : قصر في اليمن.
(٦) في ب : وروّى.
(٧) في ب ، ه : فكرة طويلة.