إلى منزل الرجل ، فو الله ما أنصفنا في اللقاء ، فلما قضينا منها الغرض صرفها إليه والدي ، وشكره ، وقال : هذه فائدة لم أجدها عند غيرك ، فجزاك الله تعالى خيرا! ثم انفصل وقال : ألم تعلم يا بني أنني سررت بهذه الفائدة أكثر من الولاية ، وإن هذا والله أوّل السعادة ، وعنوان نجاحها.
والقلعة التي كان بها بنو سعيد تعرف بهم فيقال لها : قلعة بني سعيد ، وكانت تعرف قبل بقلعة أسطلير ، وهو عين لها ، وقال الملّاحي في تاريخه : إنها تعرف بقلعة يحصب ، قبيل : من اليمن نزل بها عند فتح الأندلس ، وبها كما مر صنف الحجاري كتاب (١) «المسهب» لصاحبها عبد الملك بن سعيد.
وفي بني سعيد يقول الحجاري : [بحر مجزوء الكامل]
قوم لهم في فخرهم |
|
شرف الحديث مع القديم |
ورثوا الندى والبأس وال |
|
عليا كريما عن كريم |
من كلّ وضّاح به |
|
يجلى دجى الليل البهيم (٢) |
وكان أوّل من دخل الأندلس من ولد عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه عبد الله بن سعد بن عمار (٣) ، وقد ذكره ابن حيان في مقتبسه ، وأخبر أن يوسف بن عبد الرحمن الفهري صاحب الأندلس آخر دولة بني أمية بالمشرق كتب إليه أن يدافع عبد الرحمن بن معاوية المرواني الداخل للأندلس ، وكان إذ ذاك أميرا على اليمانية من جند دمشق ، وإنما ركن إليه في محاربه عبد الرحمن لما بين بني عمار وبين بني أمية من الثأر بسبب قتل عمّار بصفّين على يد عسكر معاوية رضي الله تعالى عنه ، وكان عمار من شيعة علي رضي الله تعالى عنهما.
وقال الحجاري : أنشدني أبو بكر محمد بن سعيد (٤) صاحب أعمال غرناطة في مدة الملثّمين لنفسه ، فيما يليق بجنسه : [بحر مخلع البسيط]
__________________
(١) في ه : «كتابه».
(٢) البهيم : المظلم.
(٣) عمار : هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك العنسي أبو اليقظان مولى بني مخزوم. صحابي جليل مشهور ، من السابقين الأولين. قتل مع علي في صفين سنة ٣٧ ه (تقريب التهذيب ج ٢ ص ٤٨).
(٤) في ج : «بكر بن محمد بن سعيد».