الحافظ أبو الخطاب بن دحية في «المطرب ، من أشعار أهل المغرب» : كان شيخنا الوزير أبو بكر بن زهر بمكان من اللغة مكين ، ومورد من الطّلب عذب معين ، وكان يحفظ شعر ذي الرمة وهو ثلث لغة العرب ، مع الإشراف على جميع أقوال أهل الطب ، والمنزلة العلياء عند أصحاب المغرب ، مع سمو النسب ، وكثرة الأموال والنّشب (١) ، صحبته زمانا طويلا ، واستفدت منه أدبا جليلا ، وأنشد من شعره المشهور قوله : [بحر الكامل]
وموسّدين على الأكفّ خدودهم |
|
قد غالهم نوم الصّباح وغالني |
ما زلت أسقيهم وأشرب فضلهم |
|
حتى سكرت ونالهم ما نالني |
والخمر تعلم كيف تأخذ ثارها |
|
إني أملت إناءها فأمالني |
ثم قال ابن دحية : وسألته عن مولده ، فقال : ولدت سنة سبع وخمسمائة ، قال : وبلغتني وفاته آخر سنة ٥٩٥ ، رحمه الله تعالى! انتهى.
وزعم ابن خلكان أن ابن زهر ألمّ في الأبيات المذكورة بقول الرئيس أبي غالب عبيد الله بن هبة الله: [بحر الكامل]
عاقرتهم مشمولة لو سالمت |
|
شرّابها ما سمّيت بعقار |
ذكرت حقائدها القديمة إذ غدت |
|
صرعى تداس بأرجل العصّار |
لانت لهم حتى انتشوا وتمكّنت |
|
منهم وصاحت فيهم بالثار |
ومن المنسوب إلى أبي بكر بن زهر قوله في كتاب جالينوس المسمى بحيلة البرء ، [وهو من أجلّ كتبهم وأكبرها] [الخفيف] :
حيلة البرء صنعة لعليل |
|
يترجّى الحياة أو لعليله(٢) |
فإذا جاءت المنية قالت : |
|
حيلة البرء ليس في البرء حيله |
ومن شعره رحمه الله تعالى يتشوّق ولدا له صغيرا بإشبيلية وهو بمراكش : [المتقارب]
ولي واحد مثل فرخ القطاة |
|
صغير تخلّفت قلبي لديه |
وأفردت عنه فيا وحشتا |
|
لذاك الشّخيص وذاك الوجيه |
تشوّقني وتشوّقته |
|
فيبكي عليّ وأبكي عليه |
__________________
(١) النشب : العقار.
(٢) في ابن خلكان : حيلة البرء صنفت لعليل.