منصور بن عبد المنعم الفراوي ، وبكتاب غريب الحديث للخطابي ، وقدم إلى مصر فحدث بالكثير عن جماعة منهم أم المؤيد زينب وأبو الحسن المؤيد الطوسي ، وخرج من مصر يريد الشام فمات بين الزّعقة والعريش من منازل الرمل في ربيع الأول سنة ٦٥٥ ، ودفن بتل الزعقة ، وكان من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم من علوم القرآن والحديث والفقه والخلاف والأصلين والنحو واللغة ، وله فهم ثاقب ، وتدقيق في المعاني ، مع النظم والنثر المليح ، وكان زاهدا ، متورعا ، حسن الطريقة ، متدينا ، كثير العبادة ، فقيها ، مجردا ، متعففا ، نزه النفس ، قليل المخالطة لأوقاته ، طيب الأخلاق ، متوددا ، كريم النفس ، قال ابن النجار : ما رأيت في فنه مثله ، وكان شافعي المذهب ، وله كتاب تفسير القرآن سماه «ري الظمآن» كبير جدا ، وكتاب «الضوابط الكلية» في النحو ، وتعليق على الموطأ ، وكان مكثرا شيوخا وسماعا ، وحدّث بالكثير بمصر والشام والعراق والحجاز ، وكانت له كتب في البلاد التي ينتقل إليها بحيث إنه لا يستصحب كتبا في سفره اكتفاء بما له من الكتب في البلد الذي يسافر إليه ، وكان كريما. قال أبو حيان : أخبرني الشرف الجزائري بتونس أنه كان على رحلة ، وكان ضعيفا ، فقال له : خذ ما تحت هذه السجادة أو البساط ، فرفعت ذلك ، فوجدت تحته أكثر (١) من أربعين دينارا ذهبا ، فأخذتها.
١٥٩ ـ وقال الجمال اليغموري : أنشدني لنفسه بالقاهرة : (٢) [بحر الكامل]
قالوا فلان قد أزال بهاءه |
|
ذاك العذار وكان بدر تمام |
فأجبتهم بل زاد نور بهائه |
|
ولذا تضاعف فيه فرط غرامي |
استقصرت ألحاظه فتكاتها (٣) |
|
فأتى العذار يمدها بسهام |
ومن شعره قوله : [بحر الكامل]
من كان يرغب في النّجاة فما له |
|
غير اتباع المصطفى فيما أتى |
ذاك السبيل المستقيم ، وغيره |
|
سبل الغواية والضلالة والرّدى |
فاتبع كتاب الله والسنن التي |
|
صحت ، فذاك إذا اتبعت هو الهدى |
ودع السؤال بكم وكيف فإنه |
|
باب يجرّ ذوي البصيرة للعمى |
__________________
(١) في ب : «نحوا».
(٢) في معجم الأدباء : فمن شعره ، أي شعر السلمي المرسي. (انظر ج ١٨ ـ ص ٢١٢).
(٣) فتكاتها : جمع فتكة. اسم مرة من الفعل فتك.