لئن أصبحت مرتحلا بشخصي |
|
فقلبي عندكم أبدا مقيم |
ولكن للعيان لطيف معنى |
|
لذا سأل المعاينة الكليم(١) |
وقوله : [الطويل]
وذي عذل فيمن سباني حسنه |
|
يطيل ملامي في الهوى ويقول |
أمن أجل وجه لاح لم تر غيره |
|
ولم تدر كيف الجسم أنت عليل(٢) |
فقلت له أسرفت في اللّوم فاتّئد |
|
فعندي ردّ لو أشاء طويل |
ألم تر أني ظاهريّ ، وأنّني |
|
على ما أرى حتّى يقوم دليل |
وهو أبو محمد علي بن أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن مزيد ، القرطبي.
قال ابنه أبو رافع الفضل : اجتمع عندي بخط أبي من تواليفه نحو أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من نحو ثمانين ألف ورقة ، انتهى.
وأبوه الوزير أبو عمر المذكور كان من وزراء المنصور بن أبي عامر ، وتوفي ـ كما قال ابن حيان ـ بذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة ، وكان منشؤه ومولده بقرية تعرف بالزاوية.
وحكي أن الحافظ أبا محمد بن حزم قصد أبا عامر بن شهيد في يوم غزير المطر والوحل شديد الريح ، فلقيه أبو عامر ، وأعظم قصده على تلك الحال ، وقال له : يا سيدي ، مثلك يقصدني في مثل هذا اليوم ، فأنشده أبو محمد بن حزم بديها : [الطويل]
فلو كانت الدّنيا دوينك لجّة |
|
وفي الجوّ صعق دائم وحريق (٣) |
لسهّل ودّي فيك نحوك مسلكا |
|
ولم يتعذّر لي إليك طريق |
قال الحافظ ابن حزم : أنشدني الوزير أبي في بعض وصاياه لي : [الطويل]
إذا شئت أن تحيا سعيدا فلا تكن |
|
على حالة إلّا رضيت بدونها(٤) |
وهذا كاف في فضل الفرع والأصل ، رحم الله الجميع (٥).
قال ابن حزم في «طوق الحمامة» : إنه مر يوما هو وأبو عمر بن عبد البر صاحب «الاستيعاب» بسكة الحطابين من مدينة إشبيلية ، فلقيهما شاب حسن الوجه ، فقال أبو محمد :
__________________
(١) الكليم : هو النبي موسى بن عمران عليه السلام.
(٢) في ه : أمن حسن وجه.
(٣) اللجة : معظم الماء.
(٤) في ب ، ه : إذا شئت أن تحيا غنيا ..
(٥) في ب ، ه : سامح الله الجميع.