القلوب بأعنّتها ، وتهادت إليك النفوس بأزمّتها ، فآليت أن لا ألم إلا بحماك ، ولا أحطّ رحلا إلا بفناك ، علما بأنك نثرة الفخر ، وغرة الدهر ، فتيمّمت ساريا في ساطع نورك ، متيمنا بيمن طائرك ، محققا للربح ، موقنا بالفلج والنّجح ، حتى حللت في دوحة المجد ، وأنخت بدولة السعد ، واستشعرت لبسة الشكر والحمد ، وجعلت أنظم من جواهر الكلام ، ما يربي عليّ جواهر النّظام ، وأنشر من عطر الثناء ، ما يزري بالروضة الغنّاء ، وحاشا للفهم أن يعطل ليلي من أقمارك ، أو يخلي أفقي من أنوارك ، فأراني منخرطا في غير سلكه ، ومنحطا إلى غير ملكه ، لا جرم أنه من استضاء بالهلال ، غني عن الذّبال (١) ، ومن استنار بالصباح ، ألقى سنا المصباح ، وتالله ما هزت آمالي ذوائبها إلى سواك ، ولا حدت أوطاري ركائبها إلى من مداك (٢) ، ليكون فيّ أثر الوسميّ في الماحل (٣) ، وعليّ جمال الحلي على العاطل ، لسيادتك السنية ، ورياستك الأولية ، التي يقصر عنها لسان إفصاحي ، ويعيا في بعضها بياني وإيضاحي ، فالقراطيس عند بثّ مناقبك تفنى ، والأقلام في رسم مآثرك تحفى ، وما أمل المجدب ، في حياة المخصب ، ولا جذل المذنب ، برضا المعتب ، كأملي في التعزز بحوزتك ، والتجمّل بجملتك ، والترفع بخدمتك ، فالسعيد من نشأ في دولتك ، وظهر في أمتك ، واستضاء بعزتك ، لقد فاز بالسبق من لحظته عين رعايتك ، وكنفته حوزة حمايتك ، فأنت الذي أمنت الذي بعدله نوائب الأيام ، وقويت بسلطانه دعائم الإسلام ، تختال بك المعاني (٤) اختيال العروس ، وتخضع لجلالك أعزة النفوس ، سابقة أشهر من الفجر ، وفطنة أنور من البدر ، وهمة أنفذ من الدهر : [الطويل]
لقد فاز من أضحى بكم متمسّكا |
|
يشدّ على تأميل عزّكم يدا |
سلكت سبيل الفخر خلقا مركّبا |
|
وغيرك لا يأتيه إلّا تجلّدا |
فأنتم لواء الدّين لا زال قيّما |
|
بآرائكم في ظلمة الخطب يهتدى |
ليهنكم مجد تليد بنيتم |
|
أغار سناه في البلاد وأنجدا(٥) |
ومثله أبقاه الله سبحانه يستثمر إيراقه ، فيثمر جناه ، ويستمطر إبراقه ، فيمطر حياه ، لا سيما وإني نشأة حفّها إحسان أوائلك الطاهرين ، وألفها إنعام أكابرك الأخيار الطيبين ، وجدير بقبولك
__________________
(١) الذبال : جمع ذبالة ، وهي الفتيلة والسراج.
(٢) في ب : عداك.
(٣) الوسمي : المطر في أول الربيع.
(٤) في ب : تختال بك المعالي.
(٥) أخذ عجز هذا البيت من قول الأعمش :
نبيّ يرى ما لا ترون وذكره |
|
أغار لعمري في البلاد وأنجدا |