صبرت على الأيّام لمّا تولّت |
|
وألزمت نفسي صبرها فاستمرّت |
فوا عجبا للقلب كيف اعترافه |
|
وللنّفس بعد العزّ كيف استذلّت |
وما النّفس إلّا حيث يجعلها الفتى |
|
فإن طمعت تاقت وإلّا تسلّت |
وكانت على الأيّام نفسي عزيزة |
|
فلمّا رأت صبري على الذّلّ ذلّت |
فقلت لها يا نفس موتي كريمة |
|
فقد كانت الدّنيا لنا ثمّ ولّت |
وكان له أدب بارع ، وخاطر إلى نظم القريض يسارع (١) ، فمن محاسن نظامه (٢) وإنشاده ، التي بعثها إيناس دهره بإسعاده ، قوله : [الطويل]
لعينيك في قلبي عليّ عيون |
|
وبين ضلوعي للشّجون فنون |
لئن كان جسمي مخلقا في يد الهوى |
|
فحبّك عندي في الفؤاد مصون |
وله وقد أصبح عاكفا على حميّاه ، هاتفا بإجابة دنياه ، مرتشفا ثغر الأنس متنسما ريّاه ، والملك يغازله بطرف كليل ، والسعد قد عقد عليه منه إكليل ، يصف لون مدامه ، وما تعرّف له منها دون ندامه : [الكامل]
صفراء تطرق في الزّجاج فإن سرت |
|
في الجسم دبّت مثل صلّ لادغ(٣) |
خفيت على شرّابها فكأنّما |
|
يجدون ريّا من إناء فارغ |
ومن شعره الذي قاله في السّفرجل مشبها ، وغدا به لنائم البديع منبها ، قوله يصف سفرجلة ، ويقال إنه ارتجله : [الطويل]
ومصفرّة تختال في ثوب نرجس |
|
وتعبق عن مسك ذكيّ التّنفّس |
لها ريح محبوب وقسوة قلبه |
|
ولون محبّ حلّة السّقم مكتسي |
فصفرتها من صفرتي مستعارة |
|
وأنفاسها في الطّيب أنفاس مؤنسي |
وكان لها ثوب من الزّغب أغبر |
|
على جسم مصفرّ من التّبر أملس |
فلمّا استتمّت في القضيب شبابها |
|
وحاكت لها الأوراق أثواب سندس |
مددت يدي باللّطف أبغي اجتناءها |
|
لأجعلها ريحانتي وسط مجلسي |
__________________
(١) في ه : مسارع.
(٢) نظامه و : غير موجودة في ب.
(٣) الصّلّ : الحية الخبيثة.