العلقة الوضعية للامور الواقعية بقسميها هو أن تلك الامور لا تختلف باختلاف الأنظار بخلاف العلقة الوضعيّة ، وأيضاً : فإنّ لوجود أو عدم تلك الامور أثراً ، فوجود السواد على الجدار وعدم وجوده ذو أثر ، كما أنّ السقف مثلاً إذا عدمت فوقيّته وسلبت عنه صار تحتاً ، بخلاف العلقة الوضعيّة ، فإنّ وجودها وعدم وجودها بالنسبة إلى طرفيها سواء.
وعلى الجملة ، فإن العلقة الوضعيّة ليست من الامور الواقعيّة ، بل هي من الامور الاعتباريّة.
ثم إن المحقق الأصفهاني يستعين على مدّعاه بمطلبين :
الأوّل : إن سنخ دلالة اللّفظ على المعنى سنخ دلالة الأعلام والعلائم الموضوعة على الطرق لتحديد المسافات ، فكما توضع العلامة على رأس الفرسخ للدّلالة على ذلك ، كذلك وضع اللّفظ على المعنى ، فهو للدلالة عليه. والثاني : إنّه كما أنّ الكلمة المستعملة لذلك العمل التكويني هو «الوضع» كذلك هذه الكلمة هي التي تستعمل للدّلالة على هذا العمل الاعتباري ، فيقال : هذا اللّفظ «موضوع» للمعنى الكذائي ، والذي جعله دالاًّ عليه يسمى ب «الواضع».
فظهر :
١ ـ إن العلقة الوضعيّة أمر اعتباري.
٢ ـ إن هذا الأمر الاعتباري من سنخ وضع الدلالات والعلائم والأعلام ، فكما أنّ هناك وضعاً لكنه تكويني ، فهنا أيضاً وضع لكنه اعتباري.
فحقيقة الوضع : جعل اللّفظ ونصبه ووضعه على المعنى في عالم الاعتبار.