وإنْ كانت متّحدةً في ظاهر لفظها وعنوانها ، إلاّ أن الجهة المبحوث عنها في كلّ علم تختلف عن الجهة المبحوث عنها في غيره ، ومثّل لذلك بمسألة جواز اجتماع الأمر والنهي المطروحة في الاصول والفقه والكلام معاً ، وأفاد بأنّها وإنْ كانت بهذه الصيغة إلاّ أنها في الحقيقة تعدّ في كلّ علمٍ مسألة مستقلّة عنها في غيره.
أقول : لكنْ يمكن المناقشة فيه : بأنّ المسألة تتشكّل من الموضوع والمحمول والنسبة ، وكما أنّ المسألة متقدّمة على الغرض ، وما به الامتياز يكون قبل الغرض ، كذلك الموضوع فهو متقدّم على المحمول وعلى المسألة المتشكّلة منهما ، فلولا الموضوع لم يكن المحمول ولا المسألة ، وبالجملة ، فالذي ذكره في جواب مسلك صاحب (الكفاية) ينفي ذلك المسلك ولا يثبت ما ذهب إليه ، بل يقوّي مبنى التمايز بالموضوعات كما اختاره في الدورة الثانية ، وفي بعض العلوم في الدورة المتأخّرة ...
وأمّا ابتناء ذلك على مسلك المشهور من ضرورة وجود الموضوع لكلّ علم ، فواضحٌ أنّ جميع هذه البحوث إنما هي على أساس ذاك المبنى ، وإلاّ فقد تقدم منه دام ظلّه أنْ لا برهان على ضرورة وجود موضوع جامع بين موضوعات المسائل ، وعلى أن البحث في العلوم لا بدَّ وأنْ يكون عن الأعراض الذاتيّة.
وأمّا القول بالوحدة الاعتباريّة ، فقد جاء في (نهاية الدراية) ـ لدى الجواب عن إشكال صاحب (الكفاية) على قول المشهور بلزوم كون كلّ باب من أبواب علم واحدٍ بل كلّ مسألة منه علماً برأسه لتمايز موضوعاتها ـ ما