«والفارق بين القواعد الاصوليّة وغيرها هو : إنّ القواعد الاصوليّة ما كانت صالحةً وحدها ـ ولو في موردٍ واحد ـ لأنْ تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي ، من دون توقّف على مسألةٍ اخرى من مسائل علم الاصول نفسه أو مسائل سائر العلوم ، وهذا بخلاف سائر العلوم ، إذ لا يترتب عليها وحدها حكم كبروي شرعي ، ولا توصل إلى وظيفةٍ فعلية ولو في موردٍ واحد ، بل دائماً تحتاج إلى ضم مسألةٍ اصولية إليها. فمثل العلم بالصعيد وأنه عبارة عن مطلق وجه الأرض أو غيره لا يترتب عليه العلم بالحكم ، وإنما يستنبط الحكم من الأمر أو النهي وما يضاهيهما» (١).
وحيث اختار الشق الأوّل ، اضطرّ إلى الالتزام بخروج كثير من مباحث الألفاظ ، قال : «إنّما هي مسائل لغويّة ، لعدم إمكان وقوعها في طريق الاستنباط وحدها ، وبما أنّ القوم لم يعنونوها في اللّغة فقد تعرض لها في فن الاصول تفصيلاً» (٢).
والمحقق الميرزا بتعريفه العلم بأنّه العلم بالكبريات التي لو انضمّت إليها صغرياتها استنتج منها حكم فرعي كلّي (٣) ، أخرج المسائل غير الاصولية ، لكونها لا تقع كبرى قياس الاستنباط ، فعلم الرجال الباحث عن أحوال الرجال من حيث الوثاقة وعدمها ، يقول : زيد ثقة مثلاً ، فيقع هذا صغرى للقياس في قولنا : هذا ما أخبر بوجوبه زيد الثقة ، وكلّ ما أخبر الثقة بوجوبه فهو واجب ، فهذا واجب.
__________________
(١) مصابيح الاصول : ٨ ـ ٩.
(٢) مصابيح الاصول : ١٠.
(٣) فوائد الاصول ١ / ٢.