وبهذا البيان يظهر الوجه في خروج مباحث المشتق ، لأنّها لا تتكفّل الحكم لا بنفسه ولا بكيفيّة تعلّقه بموضوعه.
هذا كلّه لدفع الإشكال بالنسبة إلى سائر العلوم. أمّا علم الرجال ، فقد التزم بدخوله في مسائل علم الاصول ، غير أنّه بحث عنه على حده.
لكن يرد على جوابه بالنسبة إلى العلوم الأدبيّة ، بأنه لا فرق ـ بناءً على ما ذكره ـ بين البحث عن مفاد لفظ «كلّ» والبحث عن مفاد لفظ «الصعيد» مثلاً ، ففي الثاني أيضاً يبحث عن كيفيّة تعلّق حكم التيمّم بموضوعه ، وأنّه هل هو خصوص التراب أو مطلق وجه الأرض؟ فلما ذا يكون البحث عن مفاد «كلّ» من الاصول ، دون البحث عن مفاد «الصّعيد»؟ قاله شيخنا الاستاذ دام بقاه.
أقول : وفيه تأمّل ، لأنّ البحث عن مفاد «كلّ» مثلاً ، بحث عن كيفيّة تعلّق الحكم بموضوعه من حيث كونه عامّاً ، أمّا البحث عن مفاد «الصعيد» فهو بحث عن المعنى الموضوع له هذا اللّفظ ، وأنّه التراب أو وجه الأرض ، ولم يلحظ في هذا البحث حيثية سعة المفهوم أو ضيقه ، وإنّما توجد هذه الحيثيّة عندنا ، فعند ما ننظر إلى المعنيين نجد بينهما هذا التفاوت.
وعرّف المحقق الخوئي علم الاصول : بالعلم بالقواعد المحصّلة للعلم بالوظيفة الفعلية في مقام العمل ، وقصد «بالقواعد» القواعد التي تقع نفسها في طريق الاستنباط ، فيكون قد اختار الشق الأول ـ خلافاً للمحقق العراقي ـ وبذلك تخرج بقيّة العلوم ، لكونها إنّما تقع في طريق الاستنباط بضمّ قاعدةٍ اصوليّة ، قال :