محورٍ لكلّ علمٍ تدور عليه بحوثه أمر ارتكازي غير قابل للإنكار ، وأمّا إن كان شرحاً وتوجيهاً لقول صاحب (الكفاية) والمشهور ، ففيه تأمّل لأنه لا يتحمَّل هذا التوجيه والتفسير ، وأمّا كلمات أعلام المعقول في المقام ، فلا بدّ من مراجعتها ... والله العالم.
قالوا : هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، ثم اختلفوا في المراد من «العرض الذاتي» هنا ، فأمّا «العرض» فالمراد منه : ما كان خارج عن الذات ومحمولاً عليه وإن كان جوهراً كالذات ، كالناطق بالنسبة إلى الحيوان ، حيث يحمل عليه وهو خارج عنه ، وهو نفسه جوهر.
أمّا «الذاتي» منه ، فالمشهور على أنّه ما كان خارجاً عن الذات ، لكنه لاحق للذات وثابت له باقتضاء جوهر الذات. وذهب جماعة من المتأخّرين ـ وتبعهم المحقق صاحب (الكفاية) ـ إلى أنّ العرض الذاتي ما لا واسطة له في العروض ، في مقابل ما له واسطة فيه ، ففي قوله رحمهالله «أي بلا واسطة في العروض» إشارة إلى اختيار هذا القول خلافاً للمشهور.
ثم إنّ المشهور قسّموا ما كان باقتضاء جوهر الذات إلى قسمين :
أحدهما : ما كان باقتضاء جوهر الذات بلا واسطة في العروض ، وسمّوه بالعارض الذاتي الأوّلي ، كعروض الناطق على الحيوان ، حيث أنه خارج عن ذات الحيوان محمول عليه ، ولا واسطة في هذا الحمل والعروض واللحوق ، اذ علّة لحوق الفصل للجنس ليس إلاّ الجنس ، وعلّة لحوق الجنس للفصل