ملاكاً للتمايز أنْ تكون الأبواب والمسائل من كلّ علمٍ علوماً على حده ، كما ذكر صاحب (الكفاية).
لكنّ هذا إنّما يتم على مبنى المشهور في حقيقة موضوع كلّ علم.
وأفاد في الدورة المتأخّرة ـ في مقام المناقشة مع مبنى صاحب (الكفاية) ـ أن هناك ـ بالضرورة ـ ارتباطاً بين الأغراض المختلفة والمسائل المختلفة ، وهذا الارتباط في العلوم الاعتبارية ـ كعلم النحو ـ اعتباري ، وفي العلوم غير الاعتبارية كعلم الطب ذاتي ، والذاتي إمّا هو من ارتباط الشيء بمقتضيه وامّا من ارتباط الشيء بشرطه ، فالغرض الحاصل من العلم يحصل من ترتّب المحمولات على الموضوعات ، وهذا الترتّب إنما يكون لأجل الارتباط ، كما أنّ حصول الغرض لا يكون إلاّ بارتباطٍ بينه وبين الموضوع.
ومقتضى القاعدة أنْ يكون التمايز في الدرجة الأولى بما هو متقدّم على الغرض ، وهو المنشأ في تمايز الأغراض ، وهو المسائل.
أقول : فيكون ما ذهب إليه أخيراً قولاً آخر في البحث ، وحاصله : أنّه إن كان للعلم موضوع ـ كعلم الطبيعي الذي موضوعه الجسم من حيث الحركة والسّكون ـ فالتمايز بينه وبين غيره يكون بموضوعه الجامع بين موضوعات مسائله ، وإن لا يكون له موضوع بسبب اختلاف مسائله اختلافاً لا جامع ذاتي بينها ينطبق على موضوعات مسائله ، فالتمايز يكون بالمسائل.
ثم ذكر إشكال المحقق الخراساني في (الكفاية) بأنّه لو كان الامتياز بالمسائل لم يبق أيّ تداخل لعلم الاصول مع بعض العلوم في بعض المسائل ، مع وجود هذا التداخل بالضّرورة وكونها مشتركة بينه وبينها ... فاضطرّ إلى إنكار الاشتراك قائلاً ما حاصله : بأنّ المسألة المطروحة في علم الاصول وغيره