فمن هذا الكلام أيضاً يظهر أن النسبة ليست الوجود وإلاّ فلا معنى لقوله : في ذاتها ، لا في وجودها فقط.
ويقول : «وأمّا حقيقة المعنى الحرفي والمفهوم الأدوي فهو ما كان في حدّ ذاته غير استقلالي بأيّ وجود فرض».
أي : الذات ـ سواء فرضت بالوجود الذهني أو الخارجي ـ غير استقلاليّة ، وقد تصوّر المستشكل أن معنى الحرف منحصر بالوجود والوجود غير مستقل ، وبين هذا وكلام المحقّق الأصفهاني فرق كبير.
وتلخّص : إن معنى الحرف ذات غير مستقلّة في وجودها ، سواء في وعاء الذهن أو وعاء الخارج ، والمستشكل تصوّر أن المعنى هو الوجود غير المستقل ذهناً وخارجاً.
ثم إن المحقّق الأصفهاني ملتفت إلى الإشكال بأن الالتزام بكون وضع الحروف للنسب يتنافى مع المبنى ، وهو أن الألفاظ غير موضوعة للوجودات ، ولذا يقول في كتاب (الاصول على النهج الحديث) : «ولا يخفى عليك : إن ما ذكرنا في حقيقة المعنى الحرفي لا ينافي ما قدّمناه في الوضع ، من أن طرفي العلقة الوضعيّة طبيعيّ اللّفظ وطبيعيّ المعنى ، فإن المراد هناك عدم دخل الوجود العيني والوجود الذهني في الموضوع وفي الموضوع له ، وإنْ كان الموضوع له ماهيّة شخصيّة كما في الأعلام».
أي : لا يتوهّم أن ألفاظ الحروف إن كانت موضوعة للنسب ، فهو ينافي المبنى في وضع الألفاظ. قال : «فالنسبة الحقيقيّة وإنْ كانت متقوّمة بطرفيها الموجودين عيناً أو ذهناً ، إلاّ أن الموضوع له ذات تلك النسبة المتقوّمة بهما ، من دون دخلٍ لوجود طرفيها في كونها طرفاً للعلقة الوضعيّة ، وإنْ كان لهما