وبين الشراب ، فهو القائل في عهد شيبه :
لما تدنست بالتفريط في كبرى |
|
وصرت مغرى بشرب الراح للعسّ |
أيقنت أن خضاب الشيب أستر لي |
|
إنّ البياض قليل الحمل للدنس (١) |
لكن هذا التوفيق قد كان يسيرا لو لا ما ذكره عبد الله المراكشي أن ابن عصفور «توفى بدار سكناه من قصبة تونس ، بعد ظهر يوم السبت ، ... ودفن عقب العصر من يوم وفاته» (٢).
ومجالس الشراب أكثر ما تكون ليلا ، وبخاصة في أيام الشتاء الباردة ، فهذه الرواية تتمم ما رواه الزركشي ، فيكون ابن عصفور قد لزم بيته بعد الحمى ثلاثة أيام حتى توفى فيه.
أضف إلى ذلك أن المصاب بالحمى لا يستطيع أن يستسلم للشراب والمداعبات العنيفة ولعل السلطان يكون قد اختلق قصة مجلس الشراب لينفي عن نفسه تهمة مداعبته الوحشية التي أودت بحياة ابن عصفور ، فأشاعوا قصة الشراب هذه ، وساعدهم في ذلك ولع ابن عصفور بالشراب ، حتى وصلت إلى ابن تيمية ؛ ومما يقوى ذلك ما قاله ابن منقذ : توفى أبو الحسن ابن عصفور النحوي غريقا بتونس (٣).
__________________
(١) بغية الوعاة ٢ / ٢١١.
(٢) الذيل والتكملة ٥ / ٤١٤.
(٣) وفيات ابن قنفذ.