والمخرج ، لا يكون إلا النّصف فما دونه (١) ، فأمّا قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجر : ٤٢] ومعلوم أنّ الغاوين أكثر من غيرهم ، فإنّه يتخرّج على أنه (٢) يريد بالعباد غير الغاوين ، وتكون الإضافة تشريفا لهم ، ويكون الاستثناء منقطعا.
ولا يكون المخرج إلا مختصا لو قلت : قام القوم إلا رجالا ، لم يجز ، ولا يكون ـ أيضا ـ المخرج منه إلا مختصا لو قلت : قام رجال إلا زيدا ، لم يجز.
والاسم الواقع بعد «إلا» لا يخلو من أن يكون قبله عامل مفّرغ للعمل فيه ، أو لا يكون ، فإن كان : فإمّا أن يكون العامل المفرّغ رافعا ، أو ناصبا ، أو خافضا ، فإن كان رافعا عمل فيه ؛ وذلك نحو قولك : ما قام إلا زيد وإن كان ناصبا أو خافضا : فإما أن يكون معموله محذوفا أو لا يكون : فإن لم يكن له معمول محذوف ، كان الاسم الذى بعد إلا على حسب ذلك العامل ؛ وذلك نحو قولك : ما ضربت إلا زيدا ، وما مررت إلا بزيد ، وإن كان معموله محذوفا ، كان الاسم الذى بعد «إلا» منصوبا على الاستثناء ؛ ومن ذلك قوله / [من الطويل] :
١٠٥ ـ نجا سالم والنّفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا (٣) |
أى : ولم ينج شىء إلا جفن سيف.
وإن لم يكن قبل إلا عامل مفرّغ لما بعدها ، فإمّا أن يكون الكلام الذى قبلها موجبا
__________________
(١) م : وقولى : «والمخرج لا يكون إلا النصف فما دونه» مثال ما استثنى منه النصف قولك :
عندى عشرة إلا خمسة ، ويمكن أن يكون من ذلك قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل : ٢ ، ٣] والأحسن فى كلامهم : أن يكون المخرج ما دون النصف ؛ نحو قولك : عندى عشرة إلا اثنين. أه.
(٢) في أ: أن.
(٣) البيت : لحذيفة بن أنس الهذلي.
الشاهد فيه قوله : «ولم ينج إلا جفن سيف» حيث نصب الاسم بعد إلا ، والتقدير : ولم ينج شيء إلا جفن سيف.
ينظر : شرح أشعار الهذليين ٢ / ٥٥٨ ، والعقد الفريد ٥ / ٢٤٤ ، ولسان العرب (جفن) ، ولأبي خراش الهذلي في لسان العرب ٦ / ٢٣٤ ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٥٢٦ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٩ ، ورصف المباني ص ٨٦ ، الصاحبي في فقه اللغة ص ١٣٦ ، ولسان العرب (نجا) ، والمعاني الكبير ص ٩٧٢.