ذكر حكم الفاعل
فى الأفعال الّتى لا تتصرّف
وهى نعم وبئس وفعل التّعجّب
باب نعم وبئس
وهما : فعلان غير متصرّفين. فأما قول بعض العرب : «والله ، ما هى بنعمت الولد ، نصرها بكاء ، وبرّها سرقة» (١) ، وقول بعضهم أيضا : «نعم السّير ، على بئس العير» ، فهو عند الفرّاء من قبيل ما جعل من الجمل اسما محكيّا على جهة
__________________
(١) م : باب نعم وبئس : وهما فعلان غير متصرفين.
قولى : «فأما قول بعض العرب : والله ما هى بنعم الولد ، نصرها بكاء وبرّها سرقة ...» إلى آخره إنما احتجت إلى التنبيه على ذلك ؛ لأن الظاهر من ذلك إبطال ما قدمناه من أنهما فعلان من حيث دخل عليهما حرف الجر ، وحروف الجر لا تدخل إلا على الأسماء ؛ فلذلك احتيج إلى تأويل ذلك على حذف الموصوف ؛ فيكون ذلك نحو قول الشاعر [من الرجز] :
والّله ما زيد بنام صاحبه |
|
ولا مخالط اللّيان جانبه |
[البيت للقنانى أبى خالد فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤١٦ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٩٩ ، ١٠٠ ، والإنصاف ١ / ١١٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، والخصائص ٢ / ٣٦٦ ، والدرر ١ / ٧٦ ، ٦ / ٢٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٧١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٤٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢٩ ، ولسان العرب (نوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٦ ، ٢ / ١٢٠ ، ويروى «ليلى» بدلا من «زيد»]
الأصل : والله ما زيد برجل نام صاحبه ، فحذف الموصوف والصفة غير مختصة ، أو على الحكاية ؛ نحو [من الطويل] :
كذبتم وبيت الّله لا تنكحونها |
|
بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب |
[ينظر نص المقرب رقم ١٢]
والقول الأخر هو الأولى عندى ؛ لما يلزم فى ذلك من دخول حرف الجر على الفعل من حيث قام مقام الموصوف المحذوف ؛ وكذلك أيضا قول الآخر [من الوافر] :
فقد بدّلت ذاك بنعم بال |
|
وأيّام لياليها قصار |
[ينظر نص المقرب رقم ١٣]
البيت ظاهره مخالف لما ذكرناه من أن «نعم» فعل ؛ من حيث دخل عليها حرف الجر ، وأضيف إلى ما بعدها فخرجت ذلك على أن تكون قد صارت اسما ، وانتقلت عن أصلها ، وحينئذ فعل بها ذلك ، وأتيت كذلك بالنظير ، وهو قولهم : «ما رأيته مذ شبّ إلى دبّ». أه.