و «رأيت» بمعنى علمت ، أو بمعنى ظننت الشكّيّة (١) ، و «جعل» بمعنى صيّر ، و «وهب» بمعنى جعل.
وما كان من الأفعال متعديا إلى ثلاثة إذا بنى للمفعول ـ صار من هذا الباب ، وهذه الأفعال يكون (٢) مفعولها الأوّل كل ما صلح أن يكون مبتدأ ولم يلزم ذلك فيه ، ومفعولها الثانى كل ما صلح أن يكون خبرا لكان (٣).
ويجوز فى هذه الأفعال حذف المفعولين اختصارا واقتصارا :
__________________
(١) م : وقولى : «ورأيت بمعنى علمت ، أو ظننت الشكيّة» مثال ذلك : رأيت زيدا قائما ، أى : علمت ذلك ، أو ظننت ؛ قال تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) [المعارج : ٦] أى : يظنونه بعيدا ونعلمه قريبا ، فإن لم يكن معناها ما ذكر لم تكن من هذا الباب ، بل تقول : رأيت زيدا ، أى : أبصرته أو قطعت رئته ؛ فيتعدى إلى مفعول واحد.
وقولى : «وما كان من الأفعال متعديا إلى ثلاثة إذا بنى للمفعول ، صار من هذا» مثال ذلك قولك : أعلمت زيدا قائما ؛ ألا ترى أن أعلم كانت قبل بنائها للمفعول تتعدى إلى ثلاثة ، فلما بنيت له نقصت من المنصوبات المنصوب الأول ؛ لقيامه مقام الفاعل ، فبقى الثانى والثالث ، وهما فى الأصل مبتدأ وخبر ، وكذلك سائر أخواتها. أه.
(٢) في ط : يكون مكررة.
(٣) م : وقولى : «وهذه الأفعال يكون مفعولها الأول كل ما صلح أن يكون اسما لكان ومفعولها الثانى كل ما صلح أن يكون خبرا لها» مثال ذلك قولك : ظننت زيدا يقوم أبوه ؛ ألا ترى أن ذلك جائز ؛ كما يجوز : كان زيد يقوم أبوه ، ولو قلت : ظننت زيدا هل قام أبوه ، لم يجز ذلك كما لا يجوز : كان زيد هل قام أبوه ، فأما قول بعض الفصحاء : «وجدت الناس اخبر تقله» [ينظر هذا المثل فى مجمع الأمثال ٣ / ٤٢٥ قال فيه : ويجوز : «وجدت الناس» بالرفع على وجه الحكاية للجملة ، كقول ذى الرمة : [من الوافر]
سمعت الناس ينتجعون غيثا |
|
فقلت لصيدح : انتجعى بلالا |
أى سمعت هذا القول ، ومن نصب الناس نصبه بالأمر ، أى اخبر الناس تقله ، وجعل وجدت بمعنى عرفت هذا المثل ، والهاء فى «تقله» للسكت بعد حذف العائد ، أعنى أن أصله اخبر الناس تقلهم ، ثم حذف الهاء والميم ، ثم أدخل هاء الوقف ، وتكون الجملة فى موضع النصب بوجدت ، أى : وجدت الأمر كذلك.
قال أبو عبيد : جاءنا الحديث عن أبى الدرداء الأنصارى ـ رضى الله عنه ـ قال : أخرج الكلام على لفظ الأمر ومعناه الخبر ؛ يريد أنك إذا خبرتهم قليتهم.
يضرب فى ذم الناس وسوء معاشرتهم]
فعلى إضمار القول أى : يقال فيمن خبرت منهم : اخبر تقله ، وقد بينا أن القول كثيرا ما يضمر إذا دل معنى الكلام على ذلك. أه.