وأما من يجعل البعير واقعا على الناقة والجمل فإن ذلك جائز عنده ؛ لأنه إذ ذاك أخص من الفاعل.
وإذا كان فاعلهما مذكرا لم يكن به عن مؤنث ـ لم تلحقهما علامة التأنيث ، وإذا كان مؤنثا لم يكن به عن مذكر ـ جاز إلحاق علامة التأنيث وإسقاطها ؛ فتقول :
«نعمت المرأة هند ، ونعم المرأة هند» ؛ لأن الفاعل إنما يراد به الجنس ، وكأنك جعلت الممدوح أو المذموم جميع الجنس ؛ على حد قولهم : «أكلت شاة كل شاة» لما أثنوا على الشاة بالسمن ، جعلوها جميع الجنس.
فإذا قلت : «زيد نعم الرجل ، وزيد بئس الرجل» وجعلت زيدا جمع جنس الرجال الممدوحين أو المذمومين ؛ فصار قولك : المرأة بمنزلة : النساء ؛ كما تقول : «قام النساء ، وقامت النساء» ؛ فكذلك تقول : «نعم المرأة ، ونعمت المرأة».
فإن كان المذكر قد كنى به عن مؤنث ، ألحقتهما علامة التأنيث إن شئت (١) ؛ نحو قولك : «هذه الدار نعمت البلد» ؛ لأنّ البلد هنا كناية عن الدار ؛ وعلى ذلك قول ذى الرمة / (٢) [من البسيط] :
١٥ ـ أو حرّة عيطل ثبجاء مجفرة |
|
دعائم ، الزّور نعمت زورق البلد (٣) |
__________________
(١) م : وقولى : «فإن كان المذكر قد كنى به عن مؤنث ، ألحقتهما علامة التأنيث إن شئت «مثال ترك إلحاق علامة التأنيث قوله تعالى : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) [ص : ٥٦] فالمهاد ـ وإن كان مذكرا ـ قد كنى به عن مؤنث ؛ لأن جهنم مؤنثة ـ أعاذنا الله منها ـ لكن لم تلحق علامة التأنيث رعيا للفظ «المهاد» ، ومن راعى المعنى ، ألحق علامة التأنيث ؛ كما فعل فى بيت ذى الرّمة المذكور فى الكتاب [وهو بيت رقم ١٥ المذكور فى النص]. أه.
(٢) غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي ، من مضر ، أبو الحارث ، ذو الرمة : شاعر من فحول الطبقة الثانية في عصره. قال أبو عمرو بن العلاء : فتح الشعر بامرئ القيس ، وختم بذي الرمة. كان أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال ، يذهب في ذلك مذهب الجاهليين. وكان مقيما بالبادية يحضر إلى اليمامة والبصرة كثيرا ، وامتاز بإجادة التشبيه ولد سنة (٧٧ ه) وتوفي بأصبهان وقيل : البادية سنة ١١٧ ه.
ينظر : وفيات الأعيان ١ / ٤٠٤ ، الشعر والشعراء ٢٠٦ ، الأعلام ٥ / ١٢٤.
(٣) البيت من قصيدة مدح بها بلال بن أبي بردة.
و (الحرة) : الكريمة ، وأراد بها الناقة. و «العيطل» : الطويلة العنق و (ثبجاء) بفتح المثلثة وسكون الموحدة بعدها جيم : الضخمة الثبج وهو الصدر والثبج ، بفتحتين ما بين الكاهل إلى الظهر ؛ أي : أن هذا منها عظيم. وقال ابن يعيش : ثبجاء : عظيمة السنام. و (المجفرة)