وأمّا بل ، ولا بل ، فإن وقع بعدهما جملة ، كانا حرفى ابتداء ، ويكون معناهما الإضراب عمّا قبلهما واستئناف الكلام الذى بعدهما ، والإضراب إمّا على جهة الإبطال (١) له ، وإمّا على جهة التّرك من غير إبطال (٢) ، ولا المصاحبة لها لتأكيد معنى الإضراب (٣).
وإن وقع بعدهما مفرد ، كانا حرفى عطف ، ويكون معناهما الإضراب عن جعل الحكم للأول / وإثباته للثانى ، ولا يعطف بهما فى الاستفهام (٤).
ولا المصاحبة لها فى الإيجاب والأمر ـ نفى ؛ نحو قولك : «قام زيد ، لا بل عمرو» و «اضرب زيدا ، لا بل عمرا».
وفى النّهى والنّفى ـ تأكيد ؛ نحو قولك : «لا تضرب زيدا لا بل عمرا» ، و «ما قام زيد ، لا بل عمرو».
وأمّا لكن : فإن وقع بعدها جملة ، كانت حرف ابتداء ، ويكون معناها الاستدراك ، ويتقدّمها الإيجاب والنّفى ، وتكون الجملة التى بعدها مضادّة لما قبلها ؛ وذلك نحو قولك : «قام زيد لكن عمرو لم يقم» ، و «ما قام زيد لكن عمرو قام»
وإن وقع بعدها مفرد ، كانت عاطفة ، ويكون معناها الاستدراك ، ولا يعطف بها إلا بعد نفى (٥).
__________________
٧٨ ، والدرر ٦ / ١٢٤ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ١٤٢ ، والجنى الداني ص ٥٣٣ ، ورصف المباني ص ١٠٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٢٦ ، ومغني اللبيب ١ / ٦١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٥.
(١) م : وقولى : «والإضراب : إما على جهة الإبطال» مثال ذلك قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦] فـ «بل» أضرب بها عما تقدم ؛ على جهة إكذابهم ، وإبطال ما قالوا. أه.
(٢) م : وقولى : «وإما على جهة الترك من غير إبطال» مثال ذلك : قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) [الأعلى : ١٤ ، ١٦] ألا ترى أن الخبر عمن تزكى لم يرد إبطاله ؛ بل ترك وانصرف عنه إلى خبر آخر. أه.
(٣) م : وقولى : «ولا المصاحبة لها ؛ لتأكيد معنى الإضراب» مثال ذلك : قولك : قام زيد ، لا بل عمرو قائم. أه.
(٤) م : وقولى : «ولا يعطف بها فى الاستفهام» أعنى : أنه لا يقال : أقام زيد بل عمرو ، ولا : هل قام زيد؟ بل عمرو؟. أه.
(٥) م : وقولى : «ولا يعطف بها إلا بعد النفى» أعنى أنه يقال : ما قام زيد لكن عمرو ، ولا يجوز أن يقال : قام زيد لكن عمرو. أه.