وإذا تقدم اسم الممدوح أو المذموم على الفعل ـ كان مبتدأ ، والجملة بعده فى موضع الخبر ، وأغنى العموم عن الرابط (١) ، وإن تأخر عنه ، جاز فيه أن يكون مبتدأ ، والجملة قبله خبره (٢) ، وأن يكون خبر ابتداء مضمر ، أو مبتدأ والخبر محذوف (٣) ، تقديره : الممدوح زيد ، والمذموم زيد.
__________________
والمقاصد النحوية ٣ / ٢٢٧ ، ٤ / ١٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣٦٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٩٥ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٦٥ وهمع الهوامع ٢ / ٨٦.
(١) م : وقولى : «وأغنى العموم عن الرابط» أعنى : عموم الفاعل ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : زيد نعم الرجل ، إنما تريد بالرجل جميع جنس الرجال ، وجعلت زيدا جميع جنس الرجال مبالغة فى المدح ، وأمن اللبس ؛ إذ لا يتوهّم بالرجل على هذا المعنى : أنك قصدت به غير زيد.
ونظير ذلك فى إغناء العموم عن الربط قول الشاعر : [من الطويل].
ألا ليت شعرى هل إلى أمّ مالك |
|
سبيل؟ فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا |
[البيت لابن ميّادة فى ديوانه ص ١٣٤ ، والأغانى ٢ / ٢٣٧ ، ٢٥١ ، والحماسة البصرية ٢ / ١١١ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٢ ، والدرر ٢ / ١٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٦٩ ، ٢٧١ ، وشرح التصريح ١ / ١٦٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٧٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٣ ، وأوضح المسالك ١ / ١٩٩ ، والكتاب ١ / ٣٨٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٠١ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٨ ، ويروى «أم معمر» بدلا من «أم مالك»]
فقوله : «فلا صبرا» جملة فى موضع خبر المبتدأ الذى هو «الصبر» ولا ضمير فيها عائد عليه ؛ لأن عموم الصبر المنفى عنه وعن غيره ، يدخل فيه نفى صبره عنها ، ولا يتصور أن يكون الرابط هنا تكرار لفظ الصبر ؛ لأن الصبر الثانى لو كان هو الأول لم يكن بد من إدخال لام التعريف عليه التى تعطى أنك أردت المعهود فى اللفظ ، وأيضا : فإن لا التى للتبرئة لا يكون الاسم الذى بعدها إلا نكرة يراد بها العموم. أه.
(٢) م : وقولى : «وإن تأخر عنه ، جاز فيه أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره» إنما ساغ ذلك ؛ لأن تقديم الخبر على المبتدأ ، وهو جملة ـ سائغ ، قال الفرزدق : [من الطويل]
إلى ملك ما أمّه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره |
[ينظر ديوانه ١ / ٢٥٠ ، والخصائص ٢ / ٣٩٤ ، والدرر ٢ / ٧٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٥٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٤٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٥٥ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١١٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ١١٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٨]
والتقدير : أبوه ما أمّه من محارب ؛ فقدم الخبر. أه.
(٣) م : وقولى : «أو أن يكون خبر ابتداء أو مبتدأ والخبر محذوف» إنما ساغ تكلف إضمار الخبر أو المبتدأ مع إمكان ألا يكون فى الكلام حذف ؛ لأن «نعم» للمدح ، و «بئس» للذم ، وتكثير الجمل وإطالة الكلام مما يناسب المدح والذم ؛ لأنهما مقاما إسهاب وإطالة. أه.