فأتى بضمير الغيبة فاصلا بين مفعولى يرى مع أن الذى قبله ضمير متكلم ، فيتخرج على أن يكون التقدير : يرى مصابى هو المصابا ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ثم أتى بالفصل على الأصل.
وحكى الأخفش : أنّ بعض العرب يأتى بالفصل بين الحال وذى الحال ، فيقول : «ضربت زيدا هو ضاحكا» إلا أنّ ذلك قليل.
ويجوز فى هذه الأفعال وسائر أفعال القلوب التعليق ، وهو ترك العمل لمانع ، والموانع : أن يكون المفعول اسم استفهام (١) أو مضافا إليه ، أو تدخل عليه همزة الاستفهام ، أو لام الابتداء ، أو ما النافية ، أو إنّ وفى خبرها اللام ؛ فهذه الأشياء توجب التعليق ، أو يكون الاسم مستفهما عنه في المعنى ؛ فتكون فى التعليق بالخيار ؛ نحو قولك : «علمت زيد أبو من هو» ، وإن شئت نصبت زيدا ؛ ألا ترى أنّ المعنى : «علمت أزيد (٢) أبو عمرو أم أبو غيره؟» إلا أن يدخل الفعل معنى فعل لا
__________________
والشاهد فيه قوله : «أصبت هو المصابا» حيث فصل بضمير الغيبة بين المضاف المقدر ، وهو مصابي ، وبين الاسم الظاهر ، وهو قوله : «مصابا» ، والتقدير : «يرى مصابي هو المصاب». وقيل : الضمير هنا تأكيد للضمير المستتر الذي هو فاعل «يراني» ، والمعنى : يراني هو المصابا ، وقيل : الضمير فصل للياء مع ما في ظاهر ذلك من الاختلاف بين معناهما ، إذ أصل الياء للمتكلم ، و «هو» للغائب ، ولكنه لما كان عند صديقه بمنزلة نفسه ، حتى كان إذا أصيب كان صديقه قد أصيب ، عبر عن صديقه بضمير نفسه ؛ لأنه نفسه في المعنى.
ينظر : شرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٧٥ ، مغني اللبيب ص ٤٩٥ ، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٦٦٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٥٣ ، ٥ / ١٣٩ ، ورصف المباني ص ١٣٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٩ ، وشرح المفصل ٣ / ١١٠ ، ٤ / ١٣٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٨ ، ٢٥٦ ، ٢ / ٧٦ ، خزانة الأدب ٥ / ٣٩٧ الدرر / ١ / ٢٢٤.
(١) م : وقولى : «أن يكون المفعول اسم استفهام» مثال كونه اسم استفهام قولك : علمت أيهم فى الدار ، ومثال كونه مضافا إليه قولك : قد علمت أبو أيهم زيد ، ومثال دخول همزة الاستفهام عليه : قد علمت أزيد قائم أم عمرو ، ومثال دخول لام الابتداء قولك : قد علمت لزيد قائم ، ومثال دخول «ما» النافية عليها قولك : ما زيد قائم ومثال دخول إنّ وفى خبرها اللام قولك : قد علمت إن زيدا لقائم. أه.
(٢) في أ: أزيدا.