باب التّوكيد
التوكيد لفظ يراد به تمكين المعنى فى النّفس ، أو إزالة الشّكّ عن الحديث ، أو المحدّث عنه.
فالذى يراد به تمكين المعنى فى النفس ، التوكيد اللّفظى ويكون فى المفرد ؛ نحو قوله تعالى : (دَكًّا دَكًّا) [الفجر : ٢١].
والجملة ؛ نحو قولك : «الله أكبر الله أكبر» ، إلا أنّك إذا أكّدت الحرف ، فلا بدّ أن تذكر معه ما يدخل عليه ؛ نحو قوله تعالى : (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) [هود : ١٠٨].
ولا يجوز أن تأتى بالحرف وحده ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر]
١٨٧ ـ فلا والله لا يلفى لما بى |
|
ولا للما بهم أبدا دواء (١) |
والذى يراد به إزالة الشك عن الحديث ، التأكيد بالمصدر ، فإذا قلت : «مات زيد موتا» ارتفع المجاز.
والذى يراد به إزالة الشكّ عن المحدّث عنه ، التأكيد بالألفاظ التى يبوّب لها فى النحو ، وهى للواحد المذّكر : نفسه ، وعينه ، وكلّه ، وأجمع ، وأكتع ، وقد يقال : أبصع ، وأبتع ، وللاثنين : أنفسهما ، [وأعينهما](٢) ، وكلاهما ، وللجميع : أنفسهم ، وأعينهم ، وكلّهم ، وأجمعون ، وأكتعون ، وقد «يقال» أيضا :
__________________
(١) البيت لمسلم بن معبد الوالبي.
والشاهد فيه قوله : «للما بهم» حيث أكد الشاعر اللام الجارة ـ وهي حرف غير جوابي ـ توكيدا لفظيّا ، فأعادها بنفس لفظها الأول من غير أن يفصل بين المؤكد والتوكيد. وتوكيد الحروف غير الجوابية من غير فصل بين المؤكد والتوكيد شاذ. ويروى عجز البيت : «وما بهم من البلوى دواء» ، وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.
ينظر : خزانة الأدب ٢ / ٣٠٨ ، ٣١٢ ، ٥ / ١٥٧ ، ٩ / ٥٢٨ ، ٥٣٤ ، ١٠ / ١٩١ ، ١١ / ٢٦٧ ، ٢٨٧ ، ٣٣٠ ، والدرر ٥ / ١٤٧ ، ٦ / ٥٣ ، ٢٥٦ ، وشرح شواهد المغني ص ٧٧٣ ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ٥٧١ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٤٣ ، والجنى الداني ص ٨٠ ، ٣٤٥ ، والخصائص ٢ / ٢٨٢ ، ورصف المباني ص ٢٠٢ ، ٢٤٨ ، ٢٥٥ ، ٢٥٩ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٨٢ ، ٣٣٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤١٠ ، وشرح التصريح ٢ / ١٣٠ ، ٢٣٠ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٥٦ ، والمحتسب ٢ / ٢٥٦ ، ومغني اللبيب ص ١٨١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٠٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٥ ، ١٥٨.
(٢) سقط في ط.