وقد وضع العلماء شروطا للقراءة الصحيحة ، وهى : أن توافق العربية ولو بوجه ، بمعنى أن تتفق مع رأى من آرائها ولو كان ضعيفا ، وأن توافق أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا ، وأن يصح سندها.
يقول ابن الجزري : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا ، وصح سندها ، فهى القراءة الصحيحة التى لا يجوز ردها ولا إنكارها ، بل هى من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها (١).
فإذا اختل شرط من الشروط الثلاثة صارت القراءة ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، مهما كانت منزلة القائل بها ، أو كانت سبعية أو عشرية.
ومما يدل على أهمية الشروط السابقة ما قاله السيوطي عن ابن الجزرى فى كلامه السابق : «وأحسن من تكلم فى هذا النوع إمام القراء فى زمانه شيخ شيوخنا : أبو الخير ابن الجزرى» (٢).
والقراءات حكم على القاعدة اللغوية ، ولا يكون العكس ، فنحن نصحح القاعدة بالقراءة ، ولا نصحح القراءة بالقاعدة ، وهذا يدل على أهمية القراءات فى الدرس النحوى ، وفى ضبط قواعده.
ثالثا : علم التفسير
ومن العلوم التى تتصل بعلم النحو علم التفسير ؛ إذ للنحو أثر بارز فى تفسير كتاب الله عز وجل.
وفضل علم التفسير كبير ؛ إذ يتصل بكتاب الله ، فموضوعه كتاب الله الذى هو ينبوع الحكمة ، ومعون كل فضيلة. والغرض منه شريف ؛ فالغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التى لا تفنى ، كما أن الحاجة إليه شديدة لفهم كتاب الله ؛ لتستقيم الحياة ، ويصل الإنسان إلى الكمال الدنيوى والأخروى ؛ لأن كتاب الله هو المنهاج القويم والصراط المستقيم ، عصمة لمن تمسك به (٣).
__________________
(١) انظر : طبقات القراء ٢ / ٢٤٧ ، ولطائف الإشارات ١ / ٤٢
(٢) الإتقان ١ / ٢٥٨.
(٣) انظر الإتقان ٤ / ١٩٩.