واستمرت حركة النحو فى تقدم وازدهار ، فوجدنا علماء مبرزين ألفوا مجموعة من الكتب ما زال أثرها البالغ إلى يومنا هذا ، ومن هؤلاء : ابن مالك مؤلف «الألفية» وكتاب «التسهيل» وشرحه ، وكتاب «شرح الشافية الكافية» وغيرها ، والشلوبين مؤلف كتاب «التوطئة» وغيره ، وابن عصفور مؤلف كتاب «المقرب» وغيره ، وغيرهم كثير.
ومما يدل على اعتناء الأندلسيين بالنحو وحفظهم له ، وارتحالهم فى طلبه ـ حفظهم مذاهب النحاة ، كما كانت تحفظ مذاهب الفقه ، كما أن العالم الذى لا يكون متمكنا من هذا العلم ، ولا يعرف غرائبه وشوارده ، لا يكون جديرا باحترامهم ولا مستحقا للتمييز ولا سالما من الازدراء (١).
بذلك تتضح لنا عناية أهل الأندلس بعلم النحو واستقلالهم فى آراء كثيرة ، فكوّنوا بذلك مدرسة فى النحو خاصة بهم.
ثانيا : علم القراءات
ومما يتصل بالنحو اتصالا وثيقا علم القراءات ؛ إذ للقراءات أثرها فى التوجيه النحوى واللغوى.
وعلم القراءات علم يعرف به كيفية أداء كلمات القرآن واختلافها معزوا لناقله (٢).
والقراءات حجة الفقهاء فى الاستنباط والاهتداء إلى الحق فى كثير من المسائل الفقهية.
وقد انتشر علم القراءات فى الأندلس على يد مجاهد من موالى العامريين ، وخاصة عند ما ملك بشرق الأندلس ؛ لأن مولاه المنصور بن عامر أخذه به ؛ إذ كان معتنيا بهذا الفن من فنون القرآن ، واجتهد فى تعليمه وعرضه على من كان من أئمة القراء بحضرته ، فكان سهمه وسهم مولاه فيه وافرا (٣).
__________________
(١) فضل الحضارة الإسلامية والعربية على العلم ص ٥٦٠.
(٢) لطائف الإشارات ، تحقيق : الشيخ عامر عثمان والدكتور عبد الصبور شاهين ١ / ١٧٠.
(٣) راجع : أهم القضايا النحوية والصرفية فى المحرر الوجيز لابن عطية (رسالة ماجستير ، كلية اللغة العربية بالقاهرة) ص ١٥.