منونة. وبذلك أدرك ظواهر التصرف الإعرابى فى آخر الكلمات ، وكانت هذه الخطوة هى البداية الحقيقية إلى وضع قواعد علم النحو التى أتيح لها أن تتطور وتتضح وتستقر كل ذلك جاء فى أطوار متعددة (١).
علم النحو فى الأندلس
نشأ المذهب الأندلسى فى بداية القرن الخامس الهجرى ، حيث خالط نحاتها جميع النحاة السابقين من بصريين وكوفيين وبغداديين مع انتهاجهم نهج الآخرين فى الاختيار من آراء نحاة الكوفة والبصرة وإضافة اختيارات من آراء البغداديين وبخاصة أبو على الفارسي ، وابن جني ، وشاءت الأقدار أن تكون هذه البلاد رائدة لفن النحو بعد أن كانت محرومة منه زمنا طويلا (٢).
يلخص صاحب كتاب «تاريخ الفكر فى الأندلس» رحلة النحو فى هذه البلاد ، فيقول : «كان الناس أولا ، يدرسون اللغة فى الأندلس عن طريق قراءة النصوص الأدبية والكتب دون استعمال كتب خاصة فى النحو ، ثم عرضوا بعد ذلك كتبه ، وأول ما ذاع بينهم منها كتب الكسائى وسيبويه ، ثم جودى بن عثمان المتوفى سنة ١٩٨ ه الذي ألّف كتاب «منبه الحجارة» وجاء بعده أبو على القالى المتوفى سنة ٣٥٥ ه الذى ألّف رسالة عن المقصور والممدود ، وأخرى عن الأفعال عنوانها :
«فعلت وأفعلت» وكان أرفع كتب النحو على أيام ابن حزم «تفسير الحوفى لكتاب الكسائى» وكتابين لابن سيده الضرير. وقد قام أبو الحجاج يوسف بن عيسى المتوفى سنة ٤٧٥ ه بشرح ما فى كتاب سيبويه من الشعر ونقد نحوه ، وكان الأعلم البطليوسي يسمى بالنحوى ، وقد وضع شرحا لجمل الزجاجى ولكتاب الحماسة ، وألف عددا من الكتب الجيدة فى النحو ، ويقولون إن أحمد بن على بن أحمد بن خلف الأنصارى المعروف بابن الباذش الغرناطى المتوفى سنة ٥٤٠ ه كان يعد نفسه واحدا من أعلام النحو الثلاثة فى عصره» (٣).
__________________
(١) انظر هذه الأطوار عند الدكتور على أبو المكارم : المرجع السابق ص ٤٢ وما بعدها.
(٢) المدارس النحوية ٢٩٢.
(٣) تاريخ الفكر الإسلامى فى الأندلس (مؤسسة النهضة المصرية ١٩٥٥ م) ترجمة : حسين مؤنس ص ١٨٥ وانظر : فضل الحضارة الإسلامية والعربية على العالم ص ٥٦٠.