بهم ، وهددوا كل من يخالف أوامرهم بالموت ، ومصادرة الأموال ، والرق الدائم مدى الحياة ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد ؛ بل لقد شردوا المسلمين ، وأخرجوهم من بلادهم قهرا ، وأرغموا من بقى على الدخول في النصرانية!.
ومن هذه المعاملات السيئة ، التى عومل بها المسلمون في الأندلس : أمر المسيحيين لهم بأن يضعوا على قبعاتهم شارة زرقاء ، وأن يسلموا كل أسلحتهم ، ولا يحرزوا منها شيئا ، ومن أحرز السلاح عوقب بالجلد!.
ومنها : أمرهم المسلمين أن يسجدوا في الشوارع ، متى مر كبير الأحبار ، وألا يقيموا شعائرهم ، وحكمهم عليهم بإغلاق مساجدهم!.
وبهذه الوسائل لم يبق فى الأندلس مسلم ، أو من يستطيع الجهر بإسلامه ، وتنصر العرب الباقون. وحكمت عليهم القوة القاهرة بأن يقوموا بالطقوس ، والأوضاع المفروضة عليهم فى المعابد والكنائس!.
ثم بعد ذلك ، أمعنوا فى الإيذاء بالمسلمين ، فمحوا كل الآثار التى تمت إلى الإسلام بصلة ، أو من شأنها أن تثير العقيدة الأولى عندهم ؛ فعلوا كل هذا طمعا في القضاء على المسلمين من تلك البلاد التى ازدهر في ربوعها الإسلام ، حينا من الدهر!.
وفى بعض الأحيان ، لم يطمئنوا إلى هؤلاء العرب ، فأخذوا يراقبونهم مراقبة شديدة ، ويضيقون عليهم السبل ، ويمنعونهم من كل مظهر ديني ، وأنشئ في غرناطة ديوان للتحقيق ومحاكمة من يتهم بالزيغ في عقيدته ، أو التذمر ومخالفة الأوامر ، أو يثبت عليه أنه أتى من الأعمال ما يبعث الشك فى أحواله!.
وقد كانت أساليب المحاكمة ، أمام هذا الديوان ، مزعجة قاسية ؛ حتى لقد ابتدع لإعدام المخالف المحارق التى كانت تقام فى ساحات المدينة ، وتدعى إلى مشاهدتها جموع الشعب ، ورجالات الدولة ، ورؤساء الدين ، حتى إذا اكتمل عقدهم جاءوا بالمخالف وألقوه في النيران المستعرة ، على مرأى ومسمع من الجميع!.
فإذا ما ثار المسلمون لتلك الإهانات ، وهاجت خواطرهم لتلك الأعمال الوحشية الفظيعة ، ساموهم العسف وأذاقوهم النكال وأوقعوا بهم العذاب من غير رحمة ، ولا شفقة! وطاردوهم في كل مكان ، ووثبت عليهم جماعات النصرانية المتحمسة ،