كقولها (١) : هم كالحلقة المفرغة (٢) لا يدرى أين طرفاها. [ومنه ما ذكر فيه
وصفهما] أي المشبّه والمشبّه به كليهما [كقوله (٣) : صدفت عنه] أي أعرضت عنه [ولم تصدف مواهبه عنّي وعاوده ظنّي ، فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك] أي أتاك [ريقه] يقال : فعله في روق شبابه ، وريّقه أي أوّله
، وأصابه ريّق المطر ، وريّق كلّ شيء أفضله ، [وإن ترحّلت عنه لجّ في الطّلب] وصف
المشبّه ، أعني الممدوح بأنّ عطاياه فائضة عليه أعرض (٤)
________________________________________________________
(١) أي فاطمة
الأنماريّة.
(٢) أي فإنّ
وصف الحلقة بكونها مفرغة غير معلومة الطّرفين مشعر بوجه التّشبيه ، كما عرفت.
(٣) شرح مفردات البيت
:
«صدفت» بالصّاد
والدّال المهملتين والفاء ، متكلّم بمعنى انصرفت وأعرضت ، أي انصرفت عنه تجريبا
لشأنه ، أو خطأ منّي ، وقلّة وفاء بحقّه «لم تصدف» مضارع من صدف «عاود» ماض من
المعاودة ، وهو بالعين والدّال المهملتين بينهما واو ، بمعنى الرّجوع إلى الأمر
الأوّل «الظّنّ» خلاف اليقين وإسناد عاود إليه تجوّز ، وحقيقته عاودت لمواصلته
طلبا للطفه ظنّا منّي أنّي أجد فيه المراد «فلم يخب» ، أي ظنّي ، والمقصود أنّه لم
يرد أحدا من بابه مع كونه معرضا عنه ، فلا يردّ أحدا عند عدم الإعراض بطريق أولى «الغيث»
، هو المطر الواسع المقبل الّذي يرتجيه أهل الأرض ، قوله : «إن جئته» في مقابل
قوله : «وعاوده ظنّي» ، وقوله : «إن ترحّلت» في مقابل قوله :
«صدفت عنه» ، «الرّيّق»
بمعنى أفضل الشّيء وخالصه ، فروق الشّباب ، وريّقه أفضله وأحسنه «إن ترحّلت عنه»
أي إن ارتحلت وفررت وتباعدت عن الغيث ، «لجّ» أي كثر اللّجّ بالجيم من اللّجاج ،
وهو الخصومة ، أو بالحاء المهملة من الإلحاح ، وهو في الأصل كثرة الكلام أريد به
هنا مجرّد الكثرة ، والمعنى على كلّ حال بالغ.
والشّاهد :
في البيت كونه
مشتملا على تشبيه مجمل قد ذكر فيه وصف المشبّه ووصف المشبّه به المشعرين بوجه
الشّبه ، كما بيّنه الشّارح.
(٤) أي أعرض
الشّاعر ، وهو معنى صدفت عنه.
__________________