متساوية ، فحاصلها أنّه يُعمل بالأواسط في كلّ الصلوات (١) وجوباً بعنوان التخيير ، وذلك ينفي القول باستحباب الجهر فيما يُجهر فيه ، والإخفات فيما يُخافت فيه ، بل الكلّ في ذلك سواء ، وإنّما المدار في التفرقة حينئذٍ على الخارج ، والذي وجد في الخارج هو اتّفاق الأصحاب على التفصيل المذكور في مطلق الرجحان ، فيؤول الكلام إلى دعوى أنّ الرجحان هل هو بعنوان الوجوب أو الاستحباب ، فالخصم ينفي الزيادة بالأصل ، لإنكار الإجماع على أزيد من مطلق الرجحان ، ونحن نثبته بالأدلّة التي ذكرناها ، والمعارض لا يقاومها ، لأكثريّتها ، وأشهريّتها ، واعتضادها بالعمل والإجماع ومخالفة العامّة إلى غير ذلك من المرجّحات.
وحاصل التحقيق : أنّ مبنى الخصم إما على أنّ الآية مسبوقة بتعيّن الجهر والإخفات في مواضعهما ورجحانهما بالأدلّة الخارجيّة أولا.
أما على الأوّل فلا يخفى أنّه لا يصحّ حينئذٍ بناء الآية على التحديد الجديد ، بل يكون مُعاضداً للبناء السابق ، وحينئذٍ فيجب حملها على ما يناسب المقامين.
فالمراد حينئذٍ والله أعلم : لا بدّ أن يكون غاية ؛ لا يجهر غاية الجهر ، أي فيما يجهر به ، فإنّه لا مجال للإخفات فيه ، لكونه خلاف المبنيّ عليه ، ولا تخافت غاية الإخفات بحيث لا تسمع نفسك فيما تخافت فيه ، لأنّه لا مجال للجهر فيما يخافت فيه لما ذكرنا ، فحينئذٍ تكون الآية لتحديد حال كلّ من المقامين ، لا لتحديد أصل الحكم ، فافهم.
وكأن ما ذكرنا هو الظاهر من الآية ، وحينئذٍ لا دلالة في الآية على المطلوب. ويرجع الكلام في النزاع في أصل التحديد والترجيح معنًى كما ذكرنا.
وأما على الثاني ؛ فمع تسليم ذلك وأنّ الظاهر ليس كما ذكرنا فيخصّص عموم الآية ويقيّد مطلقها بما ذكرنا من الأدلّة ، فإنّ الصلاة في الآية مطلقة ،
__________________
(١) في «م» : الصلاة.