ونقل عن بعض الأصحاب القول باعتبار أزيد من ذلك ؛ من حُسن الظاهر وكونه ظاهر الصّلاح (١).
والمشهور بينهم سيّما المتأخّرين وجوب التفحّص والتّفتيش المحصّل للظّن الغالب بحصول العدالة ، أو شهادة عدلين (٢).
وأوسط الأقوال أوسطها.
حجّة الأوّلين : عموم قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (٣) وصحيحة حريز عن الصادق عليهالسلام ، وفيها : «على الوالي أن يُجيز شهادتهم ؛ إلّا أن يكونوا معروفين بالفِسق» (٤) ، وقد مرّت رواية العلاء بن سيّابة (٥) ، والروايات في هذا المعنى كثيرة.
وحجّة الآخرين : قوله تعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (٦) مع ملاحظة الآية السابقة ، فإنّ الإسلام قد استفيد من رجالكم ، فهذا التّقييد شيء زائد.
وردّ بأن الزّائد هو عدم ظهور الفسق ، أو ظهور حُسنٍ ما.
وقوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) (٧) سيّما مع ملاحظة العلّة المنصوصة.
ويمكن الجواب عنه أيضاً بعدم وجوب العلم بذلك بالتّفحّص ، بل يكفي كونه ظاهر الصّلاح لما سنذكر.
وبذلك يدفع استدلالهم أيضاً بأنّ شُغل الذمّة بوجوب تحصيل العادل لا تحصل البراءة منه إلّا بالتفتيش والتفحّص.
__________________
(١) كالعلامة في التحرير ١ : ٥٢ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٧٩ ، والمجلسي في البحار ٨٥ : ٣٤.
(٢) الدروس ١ : ٢١٨ ، روض الجنان : ٣٦٤ ، كشف اللثام ٢ : ٣٧٠.
(٣) البقرة : ٢٨٢.
(٤) التهذيب ٦ : ٢٧٧ ح ٧٥٩ ، الاستبصار ٣ : ١٤ ح ٣٦ ، الوسائل ١٨ : ٢٩٣ كتاب الشهادات ب ٤١ ح ١٨.
(٥) ص ٣٤.
(٦) الطلاق : ٢.
(٧) الحجرات : ٦.